موضوع: القانون الطبيعي الجمعة ديسمبر 14, 2007 11:39 am
ان اغلب المدارس القانونية الوضعية تعتمد على مصادر رئيسية مشتركة مثل القانون الطبيعي والعرف والعادة بالإضافة إلى التشريعات التي تصدرها المحاكم العليا.ولكن يمثل القانون الطبيعي النواة التي ابتنى عليها القانون في تشكيله.وقد عرف القانون الطبيعي بأنه:مجموعة قواعد سلوكية كامنة في الطبيعية وثابتة لا تتغير بمرور الزمن ولا تختلف من مكان إلى آخر وهو قانون مثالي يكشف عنه العقل البشري ولا يوجده. ويرى ارسطو:ان العدل هو القانون الطبيعي الذي يجب ان توضع على أساسه القوانين الصادرة عن إرادة المشرع.كما يعتقد توما الاكويني:ان القانون الطبيعي هو انعكاس لحكمة الله مثلما هو الحكم أو القاعدة التي تعلم الصواب لانه يفيض بالضرورة من ذات الله المقدسة ويحدد طبيعة الأشياء كما هي قائمة في ذات الله.(22) أما سماحة الإمام الشيرازي فهو يعتقد في كتابه الفقه القانونالقانون الطبيعي يطابق الشريعة الإلهية لا بالمعنى الذي كان يراه أصحاب الأديان في القرون الوسطى بل المعنى الذي ذكرناه من الفطرة والعقل الذي جعله الله حجة ولذا قال العلماء كلما حكم به العقل حكم به الشرع وكلما حكم به الشرع حكم به العقل.ان القانون الطبيعي الذي ذكرناه يشبهه قول المعتزلة الذين قالوا بالحسن والقبح الذاتيين فما حسنه العقل فهو حسن وما قبحه فهو قبيح وان لم يرد شرع).(23) وهنا يمكن ان نرى التشابه الإجمالي في الاستناد إلى القانون الطبيعي بين القانون الوضعي والقانون الإلهي ولكن كما قال الإمام الشيرازي فهناك تمايز بينهما إذ لا يعدو القانون الطبيعي عندهم عن كونه مجرد فكرة فلسفية مثالية تبرر التشريع والوضع باعتبار ان العدل هو دعامة القانون الأساسية والعدل عندهم هو صاغته نظريات فلاسفة الكنيسة في العصور الوسطى وهو الذي ادى إلى قيام ثورة علمانية في العصر الحديث ضد بذور القانون الطبيعي كانت على مستوى التجاهل العملي وان وصلت في بعض الأحيان إلى التجاهل النظري.وعلى سبيل المثال(فان السير ادوارد كوك قاضي القضاة البريطاني قد صرح بان للقانون البريطاني حدودا مشتركة مع القانون الطبيعي وبالتالي فالقانون العام قادر على ان يقر بان قانونا برلمانيا باطل لانه يخالف العقل،ولكن هذا الموقف لم يكن مذهبا عمليا سواء في بريطانيا ام في غيرها).(24) وقد رأينا كيف ان البرلمان البريطاني قام أخيرا بتشريع زواج الرجل مع الرجل مع انه يخالف العقل والفطرة.والعقبة التي تجعل من القانون الطبيعي مجرد هامش أخلاقي في التشريع الوضعي هو ان طبيعة القانون الموضوع بيد نخبة معينة من البشر تستند بشكل أساسي على توجهاتها والمصالح التي تمثلها.لذلك فان القانون الطبيعي أو الفطرة لا يتكامل الا مع القانون الإلهي الذي يجسد قيم العقل بشكل موضوعي بعيد عن الاتجاهات الذاتية والنفعية.ومن هنا يقول سماحته في الفقه القانون: ثم ان القانون الطبيعي أو نداء الفطرة أو الانتحاء نحو الحسن والقبح العقلي هو الذي يجب ان ينحى نحوه لأجل جعل القانون الدولي إذ ماعداه لا يكون وفق العدل والصواب ولا كاسبا لرضى الأطراف.(25) باعتبار ان مبادئ القانون الطبيعي هي مبادئ ثابتة يدركها ويشعر بها كل عقل إنساني.