المنتدى المغربي العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى المغربي العربي

منتديات المغربي الأصيل يرحب بزواره الكرام
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة مايو 22, 2009 2:36 pm

السلام عليكم
هنا توضع كل المنهجيات و الملخصات الخاصة باللغة العربية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة مايو 22, 2009 4:34 pm

خطاب الإحياء - قصيدة تعيرني هند لعلال الفاسي

عرفت المجتمعات العربية ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر بزوغ حركات تحررية ضد القوة
الاستعمارية ، و قد رفعت شعار العودة إلى الماضي ، لا سيما في عصوره المزدهرة ، و لم يكن الشعر بمنأى عن ذلك ، إذ واكب تلك الحركات خطاب جديد ، أزاح عن النص اشعري كلفة التلاعب اللفظي ، و الأصباغ البديعية ، و أعاد النظر في مفهوم الشعر و وظيفته ، حيث أصبح الشعر فيض وجدان و تألق خيال ، يسهم في الحث على الفضائل ، و تهذيب النفوس ، بعد أن كان مجرد تسلية و ملهاة ؛ و قد عمل رواد هذا التيار على استلهام التراث الشعري المزدهر ، و ركزوا على الجانب البياني ، فبنوا الصور الشعرية على التشبيه و الاستعارة و المجاز .و لم يكن هذا التيار يخص بقعة جغرافية دون أخرى ، بل شمل الوطن العربي مشرقه و مغربه ، حيث برز البارودي و شوقي و الروصافي و الزهاوي في المشرق ، و برز محمد بن إبراهيم و المختار السوسي و عبد الله كنون و عبد الماك البلغيثي و علال الفاسي في المغرب ، و يعتبر هذا الأخير من المناضلين الذين حاربوا المستعمر عهد الحماية ، و من المصلحين الاجتماعيين بعد الاستقلال ؛ فإلى أي حد يعكس نصه الذي نحن بصدد تحليله خصائص خطاب إحياء النوذج ؟ و ما مدى تمثيل النص لنضال علال الفاسي و علاقته بواقع أمته المأزوم ؟
انطلاقا من شكل النص القائم على نظام الشطرين المتناظرين و وحدة القافية و الروي ، و انطلاقا من العنوان الذي جاء جملة فعلية تدل على التجدد و الاستمرار ، و الذي يحيل على صراع بين الشاعر و هند هذا الاسم الذي له امتدادات في الثقافة العربية القديمة ، و انطلاقا من معنى البيت الأول الذي ينكر فيه الشاعر على نفسه اللعب و اللهو بعد عامه الخامس عشر ؛ نفترض ابتداء أن يتحدث علال الفاسي عن علاقته بهند سبب تعييرها له ، كما نفترض أن يتحدث عن سبب إقباله على الجد في هذا السن المبكر متمثلا معاني الأسلاف ، و متبعا طريقتهم في البناء و التصوير ، فإلى أي حد سيكون هذا الافتراض صحيحا ؟

يبدأ علال قصيدته منكرا على نفسه اللعب بعد مرور عامه الخامس عشر ، هذا العام الذي يعتبر في نظره فاصلا بين مرحلتي اللعب و الجد ، و ذلك الإنكار راجع إلى همته العالية التي تبلغ عنان السماء ، و آماله العريضة التي تذهب هباء إن استمر في اللهو و اللعب ، غير أن إقباله على الجد لا يرجع فقط إلى هذا العامل الذاتي الذي بينه في الأبيات الثلاثة الأولى ، بل يرجع أساسا إلى الوضعية المزرية التي آلت إليها أمته التي لم تجد بعدُ طريقا إلى الحياة الكريمة التي تطمح إليها ؛ و من هنا فإن فتوة الشاعر ، و مرحلة شبابه كانت حسرة و تفجعا على هذا الوضع الأليم الذي جعله لا يستسيغ الطعام ، و لا يلتذ بالشراب ، و لا يهنأ بالنوم ، و حتى إن نام قليلا فإنه كمن يفترش جمر الغضا ؛ كل هذا جعله غريبا بين قومه ، لأن هذه نتيجة حتمية لمن كان تفكيره على هذا النحو . و هذا العذاب المتنوع لم يكن أثره على الشاعر نفسيا فقط ، و إنما كان جسديا أيضا ، تجلى في نحوله الذي لم يُرْضِ هند ، فعابت الشاعر به و عيرته ، و لكنه يحتمل ذلك و لا يرد عليها ، لأنها تجهل أن سبب نحافته تحسرُه المفرط على وضع أمته ، كما أنها تجهل أن دواءه بسيط ، و هو دمعة تشفي غليله ، لكن أنى له الدموع ؟ فقد جفت مجاريها ، لذا فإنه يصرف الخطاب في الوحدة الأخيرة إلى من يلجا إليه المكروب و ترفع إليه الأيدي ، متمنيا بل راجيا تحقق الشفاء و انتهاء الشقاء ، معبرا عن إيمانه بقضاء الله و قدره .
و من هنا يتضح أن الموضوعات التي يثيرها النص لها امتداد في التراث العربي ، و تتراوح بين التغني الذاتي بالهمة العالية و بعد النظر ، و التحسر على وضع الجماعة ، التضرع إلى الله عز و جل لكشف الكرب و البلاء .
و الملاحظ أن التيمة المهيمنة على النص هي تيمة التحسر و الأسى ، و قد توزعت عبر حقلين دلاليين : الأول ذاتي يرتبط بالشاعر و الثاني جماعي يعبر عن الأمة .
و يمكن تقسيم معجم الحقل الأول إلى ثلاث مجوعات :
1 - ألعب - أطرب - لاعبت ...
2 - لي نظر عال - نفس أبية - عندي آمال ....
3 - تحسرا - ما ساغ لي طعم - لا راق لي نوم - أتعذب ..
و هكذا نجد ألفاظ اللهو و اللعب تسيطر على المجموعة الأولى و لكنها وردت في سياق الإنكار و الرفض ، أما ألفاظ المجموعة الثانية فإنها تعكس سبب ذلك الرفض و الإنكار ، إذ نلفيها تعكس قوة عزيمة الشاعر التي تتعارض مع اللهو و اللعب ، بينما يغلب طابع المعاناة على امجموعة الثالثة ، و هذه المعاناة ترجع إضافة إلى علاقة الصراع بين المجموعتين السابقتين ، إلى الحقل الثاني الذي يمثل الجماعة التي ينتمي إليها الشاعر ؛ و من ألفاظ هذا الحقل : ( لي أمة منكودة الحظ - لم تجد سبيلا إلى العيش - أهلي و معشري ..)غير أن حضور هذا الحقل باهت في النص ، مثل قوم الشاعر في الواقع، بل إن ذات الشاعر تسربت إليه عبر ياء المتكلم.
و الذي لا ريب فيه أن بين الحقلين علاقة سببية : فتخلف أمة الشاعر هو سبب معاناته و تحسره ، و ذلك التخلف قد جعله شبه يائس من الإصلاح الذاتي الداخلي ، لذا يتضرع إلى المدد الإلاهي كي يحسم الأمر .و الحقيقة أن هذه المعاني و الأفكار التي عبر عنها الشاعر لها امتداد في ماضي الشعر العربي ، و قد غذاها الشاعر بواقع أمته المأزوم؛ و أول مظاهر ذلك التأثر بالماضي نجده في اختيار اسم هند تلك المرأة التي كانت ترى في نفسها سيدة نساء العالمين ، و التي تسبب كبرياؤها في قتل ابنها الملك بعد أن أنفت أم الشاعر عمرو بن كلثوم أن تناولها الطبق و استغاثت بابنها بعد إلحاح هند ؛ فهند لا تفتأ توقظ الفتن عبر العصور ، و إن كانت في قصيدة علال الفاسي تبحث فقط عن مواصفات الرجل القوي لأن النحافة يتغزل بها في المرأة ، و ليست من سمات الرجال في نظر هند التي ليست الوحيدة من أثار نحولة الشاعر ، فقد سبقتها نساء كثيرات من بينهن تلك التي تعجبت من نحول أبي تمام :
تَعَجَّبُ أن رأتْ جسمي نحيلا
كأن المجد يُدْرَكُ بالصراع
فعلال الفاسي نحيل مثل أبي تمام ، و هو مثله أيضا يبين موقف المرأة من هذا النحول ، و إن كانت امرأة أبي تمام اكتفت بالتعجب ، فإنها في بيت علال الفاسي تجاوزت ذلك إلى العيب و التعيير .
كما نجد تغني الشعراء قديما بإقبالهم على الجد فهذا الإمام الشافعي قد قال :
على قدر الجد تكتسب المعالي
و من طلب العلا سهِر اليالي
بل كأن علال الفاسي قد استجاب لنصيحة المتنبي قديما حين قال :
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
كما أن شقاء صاحب الفكر معنى قديم تداوله الشعراء قديما ، حيث أبرز أبو تمام هذه الثنائية الغريبة حين قال :
و ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم
و تبلغ قمة الاقتباس من القديم أقصاها في البيت التاسع حيث يستدعي علال الفاسي بيت امرئ القيس في معلقته الشهيرة :
و ان شفائي عبرة مُهَـــــــراقة
فهل عند رس دارس من معوَّل
فالدموع شفاء للشاعرين رغم اختلاف سبب البكاء ، امر القيس بسبب رحيل الأحباب فهو يبكي على الأطلال ، أما علال الفاسي فبسبب تخلف القوم و الأصحاب ، إلا أن هذا التخلف شبيه بالرحيل ، فواقع شاعرنا يكاد يشبه أطلال امرئ لبقيس ، باعتبار أن الأمة العربية قد رحلت من دنيا الحضارة و التقدم ، و لم تجد بعدُ سبيلا إلى العيش الكريم ؛ و لا يقف استدعاء بيت امرئ القيس عند الصدر ، بل يتجاوزه إلى العجُز أيضا ، حين نجد نغمة التساؤل حاضرة عند الشاعرين : امرئ القيس يبحث عن شفائه في الرسم الدارس ، بينما يتضرع علال الفاسي إلى الله عز وجل كي يمده بالدموع التي نضبت.
و هذا التشابه الكبير بين البيتين أتاحته البنية الإيقاعية ، إذ سهل بحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن)على علال الفاسي أن يستدعي عبارة كاملة لامرئ القيس : ( و أن شفائي عبرة )=فعول مفاعيلن فعو ؛ و الملاحظ أن هذا البحر قد نظم عليه أغلب الشعراء قديما ، بل هيمن على أجود القصائد ، و يكفينا أن نشير إلى أن ثلاث معلقات من المعلقات السبع قد نظمت على هذا البحر الذي يتيح نفَسه الطويل الحرية للشاعر كي يعبر عن حرقته، و يصف واقع أمته ، و قد اختار الشاعر أن يقفي المطلع لأنه أول ما يقرع السمع ، و لأن الشعراء قديما اهتموا بتجويد مطالعهم بهذا العنصر الإيقاعي ؛ و قد أدى قبض ضرب هذه القصيدة إلى أن تكون قافيتها مطلقة من المتدارك ، و معلوم أن الإطلاق هو ثورة على السكون الذي لا ينسجم و همة الشاعر العالية ، بل إن اختيار صائت الضم كحركة لحرف الروي له دلالة وثيقة بهمة الشاعر القوية و نظره العالي ، أضف إلى هذا فإن حرف الروي ذاته قد جاء منسجما مع إيقاع القصيدة القوي باعتباره حرفا مجهورا انفجاريا شفويا.
كما اعتمد الشاعر على التوازي المقطعي بين الأبيات الثاني و الثالث و الرابع كما يتضح مما يلي :
حرف عطف (و- و - و ) شبه جملة خبرمقدم (لي -عندي -لي ) مبتدأ مؤخر ( نظر -آمال - أمة)
ثم يخالف في البيت الخامس عندما يبدأ بجملة فعلية ( قضيت ) ، ليعود إلى التوازي في عجز البيت الخامس و صدر البيت السادس كما يتضح مما يلي :
حرف نفي (ما - لا - لا ) فعل ماض ( ساغ - لذ - راق ) جار و مجرور مقدم على الفاعل ( لي -.. - لي ) الفاعل ( طعم - مشرب - نوم )
ثم يتخلى عن التوازي في صدر البيت السادس معتمدا على دينامية المؤالفة و المخالفة التي تشد المتلقي و تربطه بالنص ، ليعود إلى التوازي المقطعي مرة أخرى بين البيتين العاشر و الحادي عشر :
بيت 10 = بيت 11
حرف استفهام : هل
فعل مضارع : يبقى - تلد
فاعل : الشقاء - الأيام
و الملاحظ أن هذه النماذج من الناحية الدلالية قائمة تارة على الترادف ( لي نظر عال=عندي آمال ، ما ساغ لي طعم = لا راق لي نوم ) و تارة على التضاد ( عندي آمال - لي أمة منكودة الحظ ).
كما اعتمد الشاعر عل تكرار صامت الهمزة في المطلع أربع مرات ، و معلوم أن هذا الصامت يخرج من أقصى الحلق ، كما يتكرر صامت العين في البيت ذاته ، و في هذا التركيز على الصوامت الحلقية في المطلع دلالة على غصة الشاعر التي لا يستطيع إخفاءها منذ المطلع .
إضافة إلى تكرار بعض الكلمات كالجناس الاشتقاقي في البيت السادس ( نوم - نمت ) و في البيت السابع ( غريبا يغرب )و الذي يسمى في البلاغة العربية رد الأعجاز على الصدور ، و قد أدى الجناس الاشتقاقي وظيقتين مزدوجتين : و ظيفة جمالية تزيينية ، و أخرى دلالية ، لما في ذلك التكرار من تأكيد على المعنى المحمول و لعب بأذن المتلقي .
و لم تقتصر هذه الوظائف على الجانب الإيقاعي بل شملت الصور الشعرية أيضا ، حيث نجد النص غنيا بالصور الشعرية القائمة على المشابهة تارة ، و على المجاورة تارة ثانية ؛ إذ نجد الاستعارة تهيمن على الصور القائمة على المشابهة ، و من ذلك الاستعارة التصريحية ، حيث استعار الشاعر لفتوة عمره و قوة شبابه كلمة زهر من حقل الطبيعة للدلالة على تلك المرحلة الغضة من حياة الإنسان ، كما استعار جمر الغضا الذي لا تخمد جذوته للفراش ، ثم حذف المستعار له و ذكر المستعار منه فقط ، و ذلك للتعبير عن كثرة التقلب و عدم النوم ؛ و فرق كبير بين أن يقول الشاعر زهر عمري و بين أن يقول مرحلة شبابي ، أو بين أن يقول على جمر الغضا أتقلب و بين أن يقول لا أستطيع النوم ؛ حيث إنه إضافة إلى الوظيفة الجمالية التي تجعل النص شعريا ، نجد ذلك التغريب المقترن بالمفارقة الدلالية ، سواء بين الزهر و التحسر كما في الصورة الأولى ، أو بين جمر الغضا و النوم كما في الصورة الثانية . كما اعتمد الشاعر أيضا على الاستعارة المكنية في صدر البيت الحادي عشر حيث شبه الأيام بنساء لهن أرحام ، ثم حذف المشبه به و ذكر أحد لوازمه الذي هو فعل الولادة ، كما رشح هاته الاستعارة حين شبه المصائب و ما "لا يوده "ببنين ثم حذف المشبه به ، و لكنه مفهوم من سياق الجملة ، و إلى جانب الوظيفة التزيينة لهذه الاستعارة ، فإنها تكشف عن إيمان الشاعر الذي أسند الفعل القبيح للأيام - و من هذه الزاوية تصبح الاستعارة مجازا عقليا علاقته الفاعلية - و رجا زواله من الله تعالى .
كما شكل علال الفاسي صورا شعرية قائمة على المجاورة ، على نحو ما نجد في البيت الثاني ، فقوله : " لي نظر عال " يريد به لازم المعنى الذي هو الطموح و الإرادة القوية التي كنى عنها في العَجُز أيضا بالمقام على هام المجرة ؛ كما اعتمد الكناية في قوله " ما ساغ لي طعم " و " لا لذ مشرب " و " لا راق لي نوم " إذ يقصد همه الذي يلزم عن تلك الأفعال المنفية ، و من هنا فإن هذه الصور كانت ذات وظيفة إقناعية لأنه قدم لنا البينة و الدليل ، إضافة إلى التغريب و التزيين .
و قد زاوج الشاعر في نصه بين الأسلوبين الخبري و الإنشائي ، مع هيمنة ملحوظة للأسلوب الأول عندما يخبرنا الشاعر بهمته و طموحه و و اقع أمته الأليم معتمدا على الخبر الابتدائي ما دام يرى مخاطبه خالي الذهن غير متردد و لا منكر ، بينما اعتمد على الخبر الطلبي عندما تحدث عن حالته بعد تعيير هند له ، و كأنه رأى علامات الشك على محياها فأكد الخبر ب"أن"؛ في حين يحضر الأسلوب الإنشائي بقوة في الوحدة الأخيرة عندما يتضرع الشاعر إلى الله عز و جل من خلال النداء : ( يا رب ) و الاستفهام : ( هل حتى المدامع تنضب ؟ هل يبقى الشقاء مخيما ؟ هل تلد الأيام ما لا أوده؟ ) و الأمر : ( اقض ) ، و قد انتقلت إلى معنى استلزامي قائم اساسا على الدعاء المقترن بتالرجاء ما دام الخطاب موجها من الضعيف الأدنى ( الشاعر ) إلى القوي الأعلى ( الله تعالى ) . بينما كان المعنى الاستلزامي لأسلوب الاستفهام في مطلع النص هو الإنكار ، لأن الشاعر ينكر على نفسه اللعب بعد مرور عامه الخامس عشر .
و يلاحظ هيمنة ضمير المتكلم على جل أطوار القصيدة ( ألعب - لي - عمري - أهلي - شفائي ....) إلى جانب حضور ضمائر أخرى كضمير الغائب المؤنث المفرد الذي يعود تارة إلى آمال الشاعر ( بلوغها ) و تارة على أمته ( عليها) و ثالثة على هند ( درتْ ) و رابعة على دمعته ( وجدتها ) ، و كذلك ضمير المخاطب المفرد المذكر حين يتوجه الشاعر في الوحدة الأخيرة بالدعاء و التضرع إلى الله عز وجل الحاضر في قلبه و وجدانه : ( تباركت - أنت - اقض ). كما نجد في النص أسلوب التقديم و التأخير كتقديم الخبر ( لي - عندي ..) في الأبيات الثاني و الثالث و الرابع ، و تقديم شبه الجمل على الفاعل في قوله : ( ساغ لي طعم - راق لي نوم ) و كل هذا التقديم كان من أجل لفت الانتباه ، لا سيما و أن المقدَّم كان يقترن دائما بضمير المتكلم الذي يرتبط بذات الشاعر المكلوم مما آل إليه واقع أمته.
و هكذا يتضح أن علال الفاسي قد تمثل خطاب الإحياء ، حين تمثَّل معاني الأسلاف في قصيدته كالجد و الهمة العالية و الارتباط بالجماعة و الإيمان بالقضاء و القدر إلا أن هذا التمثل لم يكن جامدا و إنما امتزج بواقع الشاعر البئيس ، كما يظهر هذا التمثل في شكل النص و خصائصه الفنية ، و ذلك باعتماد الشاعر - كما رأينا - على بحر الطويل و الصور الشعرية البيانية لا سيما الاستعارة و الكناية. و انطلاقا مما سلف نجزم بصحة الفرضية التي أشرنا إليها في المقدمة ، مع الإشارة إلى أن العنوان كان مراوغا لأن العلاقة في النص غير محصورة بين الشاعر و هند كما قد يفهم من الوهلة الأولى ، بل إن حديثه عن هند لم يتجاوز بيتا يتيما ، و هذا ما أضفى جمالية على النص ، و حث القارئ على إعادة قراءته من جديد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:13 pm

منهجية كتابة خطاب البعث والإحياء


*مقدمة*يمثل عصر النهضة نقطة تحول في القصيدة من طور الصنعة
والبديع إلى طور البعث والإحياء حيث إشتدت الرغبة في العودة إلى الأصول القديمة
بإعتبارها نماذج تُحتوى بها ومنطلقا أساسيا للإنعتاقمن قيود الركود والجمود
ويعد(صاحب النص)بشهادة عدد من النقاد وإلى حنين أحد الرواد الذين كان لهم الفضل
الكبير في إحياء الشعر العربي والشاعر(فلان+التكلم عن حياته).فإلى أي حد كان هذا
الشاعر مثلا للثراث الشعري القديم؟ وما الخصائص التي إلتزم بها وسعى إلى بعثها
وإحيائها؟وماهي حدود تقييده بعمود الشعر
العربي؟


*العرض*فالقصيدة التي بين أيدينا التي
عُنوِنيت بـ(عنوان القصيدة)لـ(صاحبها)،تعد من أبرز القصائد وأجملها،فمن فمن خلال
الملاحظة البصرية يلاحظ أن شكل القصيدة لايختلف في شيء عن القصائد العربية
القديمة،فهي تنتمي إلى الشعر العمودي،الاقائم على نظام الشطرين المتناظرين-الصدر
والعجوز-ويتقيد فيه صاحبه بوحدة القافية والروي والوزن والعنوان(عنوان القصيدة)جاء
ببنية لغوية(مركبة لفظية أو أكثر)(بسيطة لفظ واحد)وهو يحيل على موضوع(موضوع
القصيدة)الذي تختزله كلمة(أحد ألفاظ العنوان)ويؤطر دلالت القصيدة وكما أنا قراءة
أبياتها(..)تُفظي إلى إستنتاج عام مفاده أن ثمة مواقف مختلفة وأبعاد متنوعة ودلالات
متعددة وتختزل تجربة الشاعر وتعلن عن أحواله النفسية وإنفعالاته الداخلية،وهذا يعني
أن مضامين هذه القصيدة ليست واحدة وأيما تتنوع حسب إختلاف الوحدات الدالة عليها
والمواقف المعبرة عنها وهذه تعتبر سمة أساسية من سمات القصيدة
الكلاسيكية.
ويتبين هذا من خلال الوحدالت التي قسمها صاحب النص قصيدته وهي على
النحوالتالي،فالوحدة الأولى تضم الأبيات{..}حيث يخصص شاعرنا بالحديث عن(..)أما
الوحدة الثانية فتضم الأبيات{..}وفيها يتنقل الشاعر من الحديث عن(..)إلى الحديث
عن(..)وأخيرا الوحدة3 والتي تضع الأبيات{..}وقد ضمَّنها الحديث عن(..)أما على صعيد
المعجم فنلاحظ هيمنة حقل(..)على حقل(..)،هذا يفضي إلى حظور ذات الشاعر
المتكلمة.والملاحظ من خلال تتبع الحقلين أن العلاقةالتي تربط بينهما هي
علاقة(إنسجام،تكامل،تضاد..)،والمتأمل في الصور الشعرية نجد أن القصيدة تعتمد في
تشكيل مضامين على تقنيات البلاغية العربية القديمة
من(سجع،تشبيه،إستعارة،مجاز،جناس،طباق)ومن التشابيه تشبيه الشاعر في
البيت{..}(أمثلة)ومن الإستعارة(أمثلة)..وبعد ذلك يتحقق حضور كا من الإيقاع الداخلي
والخارجي(البحر،الوزن،الروي،القافية)،فالقصيدة نظمت على وزن البحر(أذكر البحر)ذي
التفعلة المركبة وهومن البحور الخليلية الفخمة وهو يضفي على القصيدة إيقاعا موسيقيا
رناناً.وإذا كان شاعرنا قد إلتزم بتفعيلة البحر(..)فإنه قد إلتزم في الآن نفسه
بوحدة القافية(تحديدهاونوعها)(مقيدة أو مطلقة)ووحدة الروي(حرف)محافظا بذلك على أهم
خصائص القصيدة العمودية ذات نظام الشطرين المتناظرين والذي يخلق تجانسا إيقاعياً
ينسجم ‘لى حد كبير مع حركات المدِّ وتكرار بعض الأصوات(أمثلة)إضافة إلى ذلك نجد أن
شاعرنا من الناحية الأسلوبية يتأرجح بين الإخبار والإنشاء رغبة في وصف الحالة
النفسية للشاعر،ومن الصيغ الإنشائية نجد(التعجب)(أمثلة)وكذلك
أسلوب(النداء)(أمثلة)وكذلك أسلوب(التمني)(أمثلة)،وكذلك نسجل حظور الضمائر(الغائب
أوالمخاطب أوالمتكلم)وكلها تحيل عن واقع المأساة التي تعانيها ذات
الشاعر.
*
خاتمة*وتأسيسا على ما سبق يتضح لنا من خلال قصيدة
الشاعر(عنوانها)قد ظل وفيا لتقاليد القصيدة العربية ومخلصا لنظامها وبالتالي تأكد
لنا بالدليل والبرهان على إنتماء هذه القصيدة إلى خطاب البعث
والإحياء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:14 pm

منهجية التطوير و التجديد _(
الرومانسية ) :
جاء خطاب
التطوير و التجديد ليبني أبراجه على أنقاظ خطاب البعت و الاحياء أتيا بمواضيع جديدة
من قبل التمجيد المفرط للطبيعة حيث ظلت هي العالم المثالي الذي اتخدت عنه أغلب رواد
هذا الاتجاه الشعري . والقصيدة التي بين أيدينا هي للشاعر (....) الذي ترك بصمة
قوية أترت بشكل كبير على مجريات ومصار هذا الاتجاه وقصيدته هاته جاءت معنونة ب
(....) فالعنوان دلاليا يوحي (....) وفي حالة عدم وجود العنوان انطلاقا ( من دراسة
البيت الاول والأخير ) اذن فان الفرضيات الني تطرح نفسها هي : ربما الشاعر يتحدت عن
.... أو ربما يتحدت عن ..... وقد يتحدت عن ..... هذه الفرضيات المطروحة تحتم علينا
طرح مجموعة من الاشكاليات : فما هو الموضوع الرئيسي داخل خبايا القصيدة ؟وماهي
الوسائل التي سخرها شاعرنا لايصال رسالته للمتلقي ؟وما مذى تمثيلية النص للخطاب
الذي ينتمي اليه ؟للايجابة عن كل هذه الأسئلة سنفوم بتسليط الأظواء على خبايا
القصيدة لعلنا نجد جوابا متكاملا لكل هذه التساؤلات .

ان مضمون القصيدة هو
مضمون عبر عنه الشاعر بكل حماس وهو يتناول (5 أسطر ) ان هذا المضمون يعتبر من
المضامين التي خلدت المدرسة الرومانسية فهو يخاطب (.. الطبيعة ..) باجلال . و
للتعبير عن هذا المضمون وجد شاعرنا نفسه مظطرا للاستنجاد بمجموعة من الوسائل .
فأولها المعجم الذي ينقسم الى حقلين دلاليين حقل دال على (....) و حقل دال على
(...) فيما يخص ألالفاض الذي يعبر عن الحقل الأول هي (....) وأما ألالفاض الذي يعبر
عن الحقل التاني (....) من خلال هذه الألفاض يتضح هيمنة الألفاض الدالة على (....)
اذن العلاقة بين الحقلين هي علاقة ( تكامل أو تناقض ) لأن (.....) اذن يتضح أن
المعجم هو معجم بسيط استعمل فيه ألفاض سهلة وهو ما يجعلنا نقول أن المدرسة
الرومانسية عرفت تجديدا حتى على مستوى اللغة.ولرغبة الشاعر في ضمان وصول رسالته الي
المتلقي في أحسن الظروف نجده قد سخر مجموعة من الصور الشعرية تنوعة وتفرعت بين
التشبيه و الاستعارة و المجاز فالتشبيه كقوله في البيت (...)(شرح التشبيه) .أما
الاستعارة فجاءت في البيت (...) {حيت استعار ...من صفات...وأعطاها ...} والنص يزخر
بمجموعة من الصور المجازية .وهكذا نجد أن هده الصور قد أظفت على القصيدة صبغة
جمالية من جهة ومن جهة أخرى ضمنت ايصال أحاسيس الشاعر في حالة من الابداع و الروعة
ولعل شاعرنا لم يقف عند هذا الحد وانما نجد أن قصيدته قدمت في (نظام الشطر موضة
جديدة )(نظام الشطرين قدمت في قالب تقليدي )ونجد أن القصيدة قد خظعت لم يسمى
بالتصريع ,و كذلك هناك ما يسمى بالتدوير الذي نلاحظه في البيت(أحم د)والقصيدة جاءت
(موحدة الروي أو متعددة الروي ) أما على مستوى القافية فقد جاءت موحدة .أما على
مستوى البنية الايقاعية الداخلية فان القصيدة قد عرفت تكرار مجموعة من المرادفات
(...)وتكرار مجموعة من الكلمات(...)وكذلك لاننسى تكرار الروي الذي أظفى على القصيدة
نغمة موسيقية .وهكذا نجد أن البنية الايقاعية {(في حالة وجود نظام الشطرين و الروي
الموحد)}لم تخرج عن المالوف وانما اتبعت خطوات الشعر الكلاسكي بصفة خاصة و الشعر
القديم بصفة عامة .{(في حالة وجود نظام الشطرين والتنوع في الروي)}جددت ثارة و قلدت
تارة اخرى فالتجديد يلاحظ على مستوى التنويع في الروي أما التقليد فيلاحظ في حفاظه
على نظام الشطرين {( في حالةعدم وجود نظام الشطرين والتنوع في الروي)} تمرضت على
القواعد الأساسية للشعر العربي ويتضح ذلك على مستوى تبنيها للنظام السطر و التنويع
على مستوى الروي ويلاحظ من خلال القصيدة من خلال القصيدة أن الشاعر قد سخر مجموعة
من الأساليب تفرعت الى شقين أساسيين .فالشق الأول يتمثل في الأسلوب الخبري والذي
تعبر عنه الالفاظ التالية (دهبت...)أما الشق الثاني فيتمثل في الأسلوب الانشائي
الذي جاء في صيغة (نداء _استفهام_تعجب _امر).يلاحظ أن الأسلوب المهيمن هو الأسلوب
الخبري نظرا للرغبة الملحة للشاعر في اخبار المتلقي عن كل مكنوناته وأحاسيسه التى
طالما عبر عنها في كل محتويات القصيدة

وبعد هذه أشواط من
التحليل يمكن أن نقول أن خطاب التطوير و التجديد قد عمل على صياغة منظور جديد في
القصيدة العربية,فنجده قد عمل على استحدات مواضيع جديدة مخالفة للمالوف و مغايرة
لما رايناه في خطاب البعت و الاحياء .فقد استحدت على مستوى المضمون و الشكل وتجديد
نظام السطر بنضام الشطرين ,لكنه حافظ على مستوى الشكل ,فحتى على مستوى اللغة نجد
لغة سهلة بسيطة قادرة على الفهم اذن يمكن أن نقول أن خطاب التطوير و التجديد جعل
القصيدة العربية تقفز قفزة نوعية في أفق السعي نحو التغيير. .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:14 pm

منهجية المعاصرة و التحديت ( تكسير البنية وتجديد الرؤيا )
:

جاء خطاب المعاصرة و التحديت ليعلن تمرده التام على قواعد الشعر
العربي ضاربا عرض الحائط كل القوانين و الظوابط التي عرفتها القصيدة العربية على مر
الازمنة .و القصيدة التي بين ايدينا هي للشاعر (......) هدا الشاعر الذي ترك لقلمه
العنان وعبر بكل تلقائية عن جل مواضيع عصره تاركا بصمة قوية في مسار الشعر المعاصر
.وجاءت قصيدته معنونة ب(....)فالعنوان يوحي دلاليا بان (.....)اما تركيبيا فجاء في
صيغة (...) اذن بدراستنا للعنوان فيحتم علينا الامر بطرح مجموعة من الفرضيات .فربما
شاعرنا يتحدت عن .... وقد يتحدت عن ..... وربما يتحدت عن ...... اذن هذه الفرضيات
المطرحة جعلتنا نطرح مجموعة من التساؤلات .ما هو يا ترى الموضوع الرئيسي داخل هذه
القصيدة ؟ وماهي الاساليب التي سخرها الشاعر لايصال مكنوناته و احاسيسه الى قرائه ؟
و ما مذى تمتيلية النص للخطاب الذي ينتمي البه اليه ؟ اذن للاجابة عن هذه الفرضيات
المبهمة و التساؤلات المطروحة سنقوم بالغوص في اعماق القصيدة لاستقطاب معانيها
ودلالتها بدءا ببمضمونها و انتهاءا بخصائصها .

ان مضمون النص هو تعبير
صريح من شاعر ابى الى ان يعرض (.5 اسطر ...) ويظهر مند الوهلة الاولى ان الشاعر لم
يخرج عن المالوف اي جاء بموضوع يتناسب بخصوصيات المدرسة الحادثوية . فهو مضمون عصري
بعيد كل البعد عن المضامين التقليدية . و هو مأشر على مذى الانتقال النوعي الذي
عرفته القصيدة علي مستوي المضمون و للتعبير عن هذا المضمون نجد الشاعر سخر مجموعة
من الأشياء في مقدمتها المعجم الذي نجده يتفرع الى حقلبن دلاليين: حقل دال علي
(....) وحقل دال علي (....) بانسبة للألفاض التي تعبر عن الحقل الأول فهي (.....)
اما الألفاض الدالة علي الحقل الثاني فهي (....) يلاحظ من خلال الألفاض نجد أن
الحقل المهيمن هو الحقل الدال علي (....) اذن العلاقة بين الحقلين ام (تكامل أو
تناقض ) ولعل شاعرنا وجد نفسه مظطرا للاظفاء علي القصيدة لمسة فنية تجلت في الصور
الشعرية فنجد أنه سخر اسلوب التشبيه كقوله في البيت (..شرح التشبيه )وكذلك نجد
الاستعارة (شرح الاستعارة ) كما نجده قد وظف الرمز كقوله (....) وأيضا الأسطورة
كقوله (.....) وكذلك وجود الانزياح كقوله (....) اذن يلاحظ أن الصور الشعرية قد
عرفت تحديث تمثيل في الرمز و الأسطورة وتقليد تمثل في التشبيه و الاستعارة .كل هذا
يدفعنا للحديث عن جانب أخر من جوانب القصيدة ألا وهي بنية القصيدة .فالقصيدة قد
كسرت كل القوالب التقليدية من وحدة القافية حيت انتقلت الى التنويع .ونظام السطر
ونظام التفعيلة .معلنة بذلك انتهاء عهد وبداية عهد أخر . أما على مستوى البنية
الداخلية فيلاحظ تكرار مجموعة من الكلمات (......) وكذلك بعض المرادفات (.....)
ونجد أن الشاعر قد سخر مجموعة من الأساليب تفرعت بينما هو انشائي وما هو خبري .
فالألفاض الدالة على الأسلوب الخبري هي.....) أما الفاض الأسلوب الانشائي هي
.....).يلاحظ طغيان الأسلوب الخبري نظرا للرغبة الملحة للشاعر في اخبار قرائه عن
الرسالة التي يود تمريرها عن طريق هذه القصيدة .

وبعد هذه الاشواط من
التحليل التي بدأناها بالمضمون و انتهاءا با الأخصائص الفنية التي تميزت بها قصيدة
(.......) .يمكن القول أن القصيدة مثلت خطاب المعاصرة و التحديث خير تمثيل
.فالقصيدة هي قمة في العصرنة و الروعة في التحديث أتى على جميع المستويات .على
مستوى الشكل ضربت القوالب التقليدية عرض الحائط ونظام السطر_ ونظام التفعيلة _نظام
السطر بدل الشطرين _تنويع الروي بدل توحيده _ توظيف الأسطورة و الرمز أما على مستوى
المضمون .فهو مضمون جديد استعملت فيه لغة سهلة اذن نقول أن القصيدة هي نمودج حي
لمدرسة أبت أن تجدد حتى على مستوي الشعر تماشيا مع كل التجديد الذي عرفته جل
الميادن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:15 pm

منهجية القصة و الاقصوصة ( القصة القصيرة )
:

لقد عرف الادب العربي قفز نوعية فقد انتقل من المنظومة الشعرية
مرورا بالمقالة الادبية و انتهاءا بالقصة او الاقصوصة حيث ظلت القصة او الاقصوصة
مرأة تعكس ما يجري داخل المجتمع فبرز قصاصون ابانوا عن مذى نبوغهم في هذا المجال
ومن بين القصاصين نجد القصاص (....) الذي ترك بصمة قوية عادة بالنفع على هذا الجنس
الادبي و لعل قصته هذه قيض الدرس و التي تحمل العنوان (....) .اما في حالة عدم وجود
العنوان نقول جاءت قصته هاته مفتقرة للعنوان فسوف نقوم بدراسة مجموعة من الالفاظ
.ومن خلال الدراسة الدلالية للعنوان (....) فان الفرضيات التي تطرح نفسها هي ربما
القصاص يتحدث عن ......او ربما يتحدث عن ....... او قد يتحدث عن ....... ولعل هذه
الفرضيات جعلتنا نقوم بطرح مجموعة من من الاشكاليت .فما هي يا ثرى القضية المعالجة
داخل قصة (اسم القصاص ) وماهي اهم الخصائص الفنية التي امتازبها هذا الجنس الادبي ؟
وكيف عمل القصاص على تمثيل الفن القصصي ؟ للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم
بدراسة متانية لكل جوانب القصة بدءا بالمضمون وانتهاءا بالخصائص الفنية .فمند
الوهلة الاولى يتضح ان القصة تعلج موضوع (....5 اسطر ..) يتضح ه>ا المتن الحكائي
هو موضوع اجتماعي عبر عنه ( القصاص) بكل احترافية .و نجد قد و ظف في قصته هاته
مجموعة من الاساليب . فقد نجد قد استعمل اسلوب ( اما حواري او سردي ) ومن خلال
ه>ا الاسلوب يتضح ان القصة في بنيتها اتخدت طابعا( اما حلزوني او عادي ) ويتصح
ان القصاص قد وظف في قصته هاته مجموعة من الشخصيات او القوى الفاعلة تارجحة بينما
هو رئيسي و ثانوي .فالشخصيات الرئيسية هي (....) واما الشخصيات الثانوية فهي (....)
اما العلاقة بين الشخصيات مثلا علاقة (تكامل فاطمة –محمد ) وعلاقة( استغلال رب
العمل بالعامل ) والحديث عن الاسلوب السردي الذي وضعه القصاص يدفعنا للحديث الى
الزاوية التي تموضع فيها السارد فيتضح ان الؤيا من (خلف او من امام ) لانه يعرف كل
صغيرو و كبيرة عن ابطاله .اما ان كانت من امام فانه يجهل بعض جانب عن ابطاله .وايضا
يجب ان نتكلم عن الحوار بين الشخصيات .فهو ينقسم الى حوار داخلي و حوار خارجي .
فبانسبة للحوار الداخلي يعبر عن مشاعر الشخصيات . و الحوار الخارجي يسلط الاضواء
على الاشخاص فقط و نجد الزمن حاضر في القصة كذلك قول القصاص (....) *دلالة الزمن
على كل حدة * اما المكان فهو حاضر كذلك نجده يتمثل في التالي (الغرفة ... المنزل )*
توضيح دلالة كل مكان * اذن نجد ان هذه القصة منسجمة على كل المستويات . فالمضمون
الموظف هو طالما اسيلت حوله اقلام القصاصين ولما لاو هو يعد احدى المواضيع الشائكة
.كما ان القصة عرفت حظورا على مستوي الخصائص تجلي في توظيف القصاص في مجموعة من
الشخصيات عبرت مجرى الاحدات و كذلك الرؤيا (...) التي جعلت السارد يلم من كل
الجوانيب .اذن يمكن ان اقول ان الفن القصصي هو اظافة للادب العربي بصفة عامة و
للجانب النثري بصفة خاصة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:54 pm

منهجية المسرحية

أمام سرعة التحولات الاجتماعية وجد الأدباء أنفسهم مرغمون على
ايجاد جنس أدبي يكون بمثابة المراة التي تعكس كل ما يقع داخل المجتمع .فوجدو ظالتهم
في المسرح الذي هو من فنون النثر وهو أقرب الى المجتمع من أي فن ادبي اخر .و
المسرحية التي بين ايدينا هي للكاتب (.....)الذي ترك بصمة قوية في الكتابة المسرحية
.و مسرحيته هاته جاءت معنونة (.....) فدلاليا العنوان يوحي بان (....) اذن الفرضيات
التي تطرح نفسها انطلاقا من الدراسة السابقة للعنوان

هي :ربما المسرحية تعالج موضوع ..... وقد تعالج موضوع ..... أو
ربما تعالج موضوع.... هذه الفرضيات المطروحة تحتم علينا طرح مجموعة من الاشكاليات :
فما هي يا ثرى القضية المعالجة في سطور المسرحية ؟ وماهي أهم الأساليب و الخصائص
التي وظفها الكاتب لتقديم مسرحيته في أبهى و اجمل موظة ؟ ومامذى تمثيلية المسرحية
للخطاب النثري الذي تنتمي اليه ؟للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بتسليط
الأضواء علي مختلف جوانب النص المسرحي لايجاد أجوبة لمخثلف هذه الأسئلة بدءا
بالقضية المطروحة للنقاش وانتهاءا بالخصائص الفنية

ان الحدت المعالج داخل
هذه المسرحية هو (...7 أسطر...)أما الشخصيات التي عبرت عن هذا الحدت فانقسمت الى
شخصيات رئيسية و شخصيات ثانوية فالشخصيات الرئيسية هي (.....) أما الثانوية فهي
(....) هذه اشخصيات تجمع بينهما علاقة صراع (.........) وايضا نجد علاقة تفاهم
(.....) وأيضا نجد الحوار يتمثل في الحوار الذي دار بين (عمر و فاطمة ) و الحوار
الذي دار بين (....) والحوار الذي دار بين (....) وأيضا الزمان كقوله (....)فهذا
الزمان يوحي ب (.....) وأيضا نجد المكان او مايصطلح عليه بالفضاء الذي يتجلى في
(....) هذا الفضاء دلالاته تتجلى في (......)

اذن يمكن القول أن الزمان
و الفضاء عنصران أساسيان في الكتابة المسرحية .أما الغة فنجدها لغة سهلة .واضحة
قائمة على السرد و الحوار .كذلك نجد اسلوب الوصف فهو وصف الشخصيات (......) ووصف
الفضاء (......) وأيضا وجود بعض الأساليب فنجد أسلوب النداء (....) وايضا أسلوب
الاستفهام (....) وكذلك التعجب (....) وايضا الامر(.....)

اذن بعد هده الأشواط من التحليل يتظح أن الكتابة المسرحية أضحت
عنوان بارزا في الأدب العربي فالمسرحية التي بين أيدينا هي نمودج حي لجملة من
المسرحيات كانت و مازالت بمثابة المراة العاكسة لصورة المجتمع ولعل المسرحية التي
بين ايدينا أعطت المثال الحي على ذلك فهي متكاملة متناسقة على مستوى الشكل و
المضمون .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:54 pm

منهجية النقد
سلك الادب العربي طريقا طويلا في درب التطور وذلك انطلاقا من
القصيدة الشعرية مرورا بالاشكال النثرية و انتهاءا بالمقالة النقدية فاصبح النقد
العملة المتبادلة بين النقاد و الادباء .فاصبح النقد كل واحد منهم له وجهة نضره
الخاصة و يعلق عليها بطريقته الخاصة فرغم اختلاف هذا الراي ضل النقد هو القاسم
المشترك بين جل النقاد و الادباء .و لعل المقالة التي بين ايدينا وهي للناقد{.....}
و التي جاءت معنونة ب {.....}نجد ان العنوان يوحي دلاليا {.....}اذن انطلاقا من
دلالة العنوان فالفرضيات التي تطرح نفسها هي ربما الناقد يتحدث عن {.....}او ربما
يتحدث عن {....}او قد يتحدث عن {...}

ولعل هذه الفرضيات حثمت
طرح مجموعة من الاشكاليات تكون بمثابة الجسر الذي سيربطنا باعماق المقالة اذن ما هي
يا ثرى القضية المنتقدة في هذه المقالة . وماهو راي صاحبها . وماهي الخصائص الموضفة
من الاساليب و لغة . و مامدى تمثيلية المقالة للخطاب النثري الذي تنتمي اليه .
للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بتسليط الاضواء على كل جوانيب المقالة لايجاد
اجوبة لمختلف هذه الاسئلة بدءا من المنهج و انتهاءا بالخصائص التي وظفها الناقد .

ان المنهج الموضف يظهر انه منهج {.....} وتتضح الصورة اكثر عندما
نجد القصية هي قضية (....5 اسطر ...)اذن يتضح لا غرابة اذ راينا ان صاحبنا
(......)قد وضف المنهج (النفسي )لتعبير عن القضية (النفسية ) .

اذن و للتعبير عن هذا المنهج و رغبة منه في ايصال افكاره و
انتقاداته و لكل ما يعنيه الامر فانه و ضف مجموعة من الخصائص فنجده قد استعمل
الاسلوب استنباطي حيث انتقل من العام الي الخاص (........) وقد يستعمل الاستقرائي
(...عكس الاستنباطي ..) وكذلك نجده قد استعمل الاسلوب الحجازي مثلا (.الصبر=ايوب
)وايضا نجده قد سخر اسلوب الوصف قوله (....) وايضا اسلوب التعريف بدوره حاضر في هذه
المقالة كقوله (....) وايضا نجد اسلوب التماثل كقوله (....) وايضا نجد مظاهر
الاتساق و الانسجام حاضرة في المقالة حيث نجد الربط المثنوي قوله (.....) وايضا نجد
الربط الجمعوي قوله (.......) بينما الحالة المقامية بدورها حاضرة حيث استعمل ضمير
المتكلم ويظهر ذلك في قوله (.....) كما نجده قد استخدم الاحالة النصية حث نجده قد
استعمل ضمير الغائب قوله (.....) اما لغة المقالة فتميزت بالانتقاض الحاد وهي لغة
واضحة و سهلة تحمل طابع اقناعي و نرى ان المقالة قد اتخدت طابعا منهجيا ابتداءا
بمقدمة و مرورا بعرض و انتهاءا بخاثمة . بعد كل هذه الاشواط من التحليل لهذه
المقالة النقدية تبين لنا انها تحمل طابع نقدي ووضف فيها الكاتب المنهج (.....) و
اساليبها لم تخرج عن الاساليب المعمول بها و ذلك باستعمال اما الاسلوب الاستنباطي
او الاستقرائي و ايضا اسلوب التعريف .و ذلك اظفت جمالية على المقالة .

وفي الخثام يمكن ان نقول هذه المقالة مثلت الاتجاه النقدي خير
تمثيل وهي تنظاف ابداعات النقيض الكبير (....)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 1:56 pm

منهجية المقالة
امام سرعة التحولات الاجتماعية التي شهدها المجتمع العربي . الادب
الحديت نهصة شملت جل انواعه .فضهرة انواع ادبية جديدة .وفي المقابل تطورت اخرى وذلك
لمسايرة التغيرات الاجتماعية ومن ضمن هذه الانواع الادبية نذكر على سبيل المثال لا
حصر فن المقالة وهي فن من فنون النثر ظهرة بظهور الصحافة و استمدة مقوماتها من فن
الرسالة قديما و المقالة الغربية حديثا .ومن الكتاب الذين تركوا بصمة قوية في هذا
الشكل الادبي نذكر الكاتب (.....)الذي ساهم بابداغاته في اغناء واثراء فن المقالة
.ومن خلال العنوان (......)نجده يتكون من (......)فدلاليا العنوان يوحي ب (......)
اذن الفرضيات التي يمكن طرحها انطلاقا من هذه الدراسة البسيطة لهذا العنوان هي ربما
الكاتب يتناول قضية ......او ربما يتناول قضية ......او ربما يتناول ......اذن
الاشكاليات التي تطرح نفسها من خلال هذه الفرضيات ماهو موقف صاحب النص المعبر عنه
في هذه المقالة ?وماهي الاساليب التي اعتمدها لاصال موقفه الي القارئ .وهل هذه
المقالة هي مقالة موضوعية ام فنية .وماهو مقصد الكاتب من خلال هذه المقالة .هل هو
اقناعي ام اخباري ام توجيهي ام وضعي .للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بالغوص
في اعماق هذا النص لاستقطاب معانيه بدءا بمضمونه و انتهاءا بالخصائص الفنية للمقالة
الادبية .

وهكذا نجد الكاتب يعالج قضية (...5 اسطر ...)و هكذا
نجد ان صاحب النص موقفه يتجلى (..1سطر اي الفكرة العامة ) وقد اعتمد علي مجموعة من
الوسائل تتجلي في مجموعة من الاساليب فنجده قد استعمل الاسلوب الاستنباطي

حيث انتقل في عرض قضيته من العام الي الخاص حيث نجده يتجلي في بدء
المقالة ب( ....و.انتهي ب..)اما ان كان استقرائي فعكس ذلك .وقد استعمل مجموعة من
الحجج و البراهين لياكد علي سلامة موقفه .هذه البراهين تتجلى في (......) وابضا
نجده قد وضف اسلوب الوصف (.....) وايضا اسلوب التعريف الذي يتجلي في (.....) كذلك
نجد اسلوب التماثل حيث مثل (.......)كما نجد مظاهر الاتساق و الانسجام حاضرة في
المقالة حيث نجد الربط المثنوي كقوله (..........) وكذلك نجد الربط الجمعوي كقوله
(.....) وايضا نجد الاحالة المقامية حيث اتخد الكاتب ضمير المتكلم (انا) وايضا نجد
الاحالة النصية حيث استعمل ضمير الغائب (هو) بينما الغة هي لغة واضحة سهلة تملك
قدرة كبيرة علي الاقناع وهكذا نجد ان المقالة اتخدت طابعا منهجيا حيت ابتدات بمقدمة
مرورا بعرض مفصل و انتهاءا بخاتمة .بعد قطعنا كل هذه الاشواط التحليل يمكن القول ان
المقالة تعالج موضوع (.....) حيث تمكن الكاتب من التعبير عن رايه باستوفائه كل
الخصائص و الاساليب وما يمكن ان نقول ان المقالة اصبحة جنس اذبي متداول تعبر عن
قضايا والمقالة التي بين ايدينا لم تخرج عن الاساليب المعهودة حيت وضفة جملة من
الاساليب نذكر علي سبيل المثال لا الحصر اما الاسلوب الاستنباطي ام الاستقرائي

و الوصف و التعريف .و اساليب اخري .وفي النهاية يمكن ان نقول ان
هذه المقالة هي امتداد لاعمال الكاتب (.....) الذي صنع لنفسه زاوية داخل هذا الفن
حيث صارت منبع ابداعاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 2:10 pm

درس المؤلفات

[ظاهرة الشعر الحديث
أحمد المجاطي
مداخل لدراسة المؤَلف :
المدخل الأول
:
النقد من حيث هو مفهوم

يعتبر النقد عملية وصفية
تنطلق مباشرة بعد الإبداع، و تكون غايتها قراءة الأثر الأدبي،و مقاربته بهد ف
استقصاء مواطن الجودة و النقص فيه.
[/size]

و يرتبط النقد في الغالب
بالوصف و التفسير و التأويل و الكشف و التحليل و التقويم، و ينصب كل ذلك على النص
أو الأثر المنقود.

و يمر العمل النقدي عبر مجموعة من الخطوات و المراحل
، يمكن ترتيبها مثل ما يلي:

* قراءة النص أو الأثر
المنقود و ملاحظته.

* تحليل مضمونه وشكله.
* تقويمه إيجابا و
سلبا.

* توجيه المبدع من خلال عملية تغذية راجعة *(feed back)، يمده بها
العمل النقدي.

و من أهم وظائف النقد توجيه دفة الإبداع، وإضاءة
الطريق للمبدعين المبتدئين و لكبار الكتاب على حد سواء. وكشف مواطن القوة و الضعف
في الأثر الإبداعي، و التمييز بين الجودة و الرداءة، و الطبع و التكلف، و الصنعة و
التصنع. كما يعرف النقد المبدعين بما وصل إليه الإبداع من تطور، في النظرية و
الممارسة، و يجلي لهم طرائق التجديد و مدارسه و تصوراته الجمالية و الفلسفية و
الفنية، قصد إبعادهم عن التقليد .

المدخل
الثاني:
المسار النقدي الأدبي في المغرب في القرن
العشرين

إذا كان النقد الأدبي فاعلية قرائية بعدية تتطلب مادة
إبداعية قبلية تقرأها و تشتغل عليها و تستولد منها و حولها أسئلتها و تأملاتها و
إشكالاتها البانية لخطابها و المحركة لوتائرها، و هو يتطلب "وعيا" نظريا و منهجيا،
يضبط صنيعه و يجعله على بينة كافية بالصنيع الأدبي الذي يتعامل معه، فإنه لم يكن
بالإمكان ، قبل ستينيات القرن العشرين، الحديث عن "مشهد نقدي" في المغرب، وإنما
كانت هناك كتابات لبعض الأدباء المغاربة هي عبارة عن ردود عفوية و ملاحظات انطباعية
تقييمية، أكثر منها كتابات نقدية. ومن هؤلاء الأدباء نذكر: عبد الله كنون، و أحمد
زياد، و عبد الرحمان الفاسي، و محمد بلعباس القباج...

كانت ستينيات ق20، نقطة انطلاق "الوعي" النقدي الحديث في المغرب، و
كانت وراء هذه الانطلاقة عوامل و ملابسات سوسيوثقافية، يمكن تلخيصها في الآتي :

1/ حصول المغرب على استقلاله السياسي و تفرغه لمشاكله
الداخلية.

2/ انطلاقة الجامعة المغربية، و تأسيس كلية الآداب و العلوم
الإنسانية.

3/ ظهور أعمال أدبية تنتمي لأجناس أدبية
حديثة.

4/ الازدهار النسبي للصحافة الأدبية ( ملاحق ثقافية، مجلات أدبية
متخصصة)

5/ انفتاح المغرب على لحركة الثقافية و الأدبية في المشرق العربي
(القاهرة، بيروت، بغداد).

6/ تأسيس اتحاد كتاب
المغرب، و مساهمته في التحسيس بسؤال الثقافة و الأدب
.

تضافر هذه العوامل وغيرها، كان حافزا للوعي النقدي الحديث في
المغرب، و كان صدور بعض الأعمال الروائية و الشعرة على الخصوص، أوائل ستينيات ق 20،
فرصة سانحة أطلقت النقد المغربي الحديث، و لعل أبرز من مثل هذه الحقبة هم: محمد
برادة، و أحمد اليابوري، و محمد السرغيني، و أحمد المجاطي، و حسن المنيعي، و
إبراهيم

السولامي.
لقد تخرج على أيدي هؤلاء
الأساتذة و غيرهم، مع طلائع سبعينيات ق 20، جيل جديد من النقاد و المبدعين هم الذين
سيؤثثون المشهد النقدي المغربي بعطائهم،و هم الذين سيملأون فضاءه بأصواتهم و
أفكارهم، و ستتفرع معهم الأنحاء التي انتحاها النقد في المغرب بعد ذلك، من نقد
شفوي، و صحفي، و جمعوي، و جامعي، و سجالي...

و قد ساهمت هذه الجهود،
بلا شك، في التأسيس لوعي نقدي جديد، يتوخى إعادة النظر في شروط القراءة و أدبية
النص المقروء، لكنها لم تخل من هنات أجملها ذ. نجيب العوفي في أربع هي
:

1/ المنهاجوية : ويقصد بها ارتهان الناقد غير المشروط للمنهج على
حساب النص المقروء.فيستعاض عن المبدإ المعروف( النص و لا شئ غير النص) بمبدإ مضاد (
المنهج و لا شئ سوى المنهج). فتكون النتيجة الحتمية آخر المطاف هي اغتراب النص، و
المنهج، و الناقد، و المتلقي.

2/ الارتحال السريع بين
المناهج و النماذج : الذي تحول عند البعض إلى قطيعة قسرية بين المحطات المنهجية، و
إلى سلسلة من النواسخ و المنسوخات.

3/ غياب النقد عن النقد :
و هيمنة النزعة الوصفية التحليلية على النزعة التقييمية التأويلية، مما يجعلنا، في
آخر التحليل، تجاه خطاب علموي شكلاني متعال، غايته الأولى ة الأخيرة، أن يعيد كتابة
النص و يفكك أجزاءه و عناصره، ثم يعيدها إلى أماكنها أو يتركها لحما على وضح. و من
تم تتساوى النصوص المقروءة و توضع في سلة واحدة.

4/ غياب شخصية الناقد في
قراءته و ارتباك لغته النقدية، معجما و مصطلحا.

و قد استمر النقد العربي
في المغرب، على عواهنه، يصارع كل أشكال النقص فيه، و يحاول أن يؤسس هويته العربية
المغربية ، لكن طريقه لتحقيق ذلك لا زال يبدو طويلا، و مليئا بالأشواك، والمطبات ،
التي نتمنى أن يتجاوزها من سيأتي في هذا القرن الواحد و العشرين.

المدخل الثالث : صـاحــب
المــــؤَلــــف

جمع أحمد المجاطي بين خاصيتي الإبداع و النقد لذلك
جاءت كتاباته مفيدة و مقنعة في آن معا. و كان قد ولد في الدار البيضاء سنة 1936،
تلقى دراسته بين الدار البيضاء و الرباط ودمشق . و درس بكل من جامعة محمد بن عبد
الله بفاس و جامعة محمد الخامس بالرباط. اعتبر من المؤسسين لحركة الحداثة الشعرية
بالمغرب. فاز بجائزة ابن زيدون للشعر التي يمنحها المعهد الإسباني/ العربي للثقافة
بمدريد عام 1985، كما فاز بجائزة المغرب الكبرى للشعر سنة1987.

توفي أحمد المجاطي سنة 1995، مخلفا وراءه عطاءً متميزا في الشعر و
النقد و التدريس.

المدخل الرابع : طبــــيعــة
المــؤَلَف

يعتبر كتاب " ظاهرة الشعر الحديث" دراسة نقدية تتبع
مسار تطور الشعر العربي الحديث، و البحث في العوامل التي جعلت الشاعر العربي الحديث
ينتقل من مرحلة الإحياء و الذات إلى مرحلة التحرر من قيود التقليد، مع رصد العوامل
و التجارب التي غذت التجديد في الشعر العربي :

·على مستوى المضمون: من
خلال تجربة الغربة و الضياع، و تجربة الموت ، مع ما ميز كل تجربة من

مظاهر و خصوصيات.
·على مستوى الشكل و
البناء الفني: في اللغة و السياق و آليات التعبير و خاصة الصورة الشعرية و الأسس
الموسيقية.
دراســـــة الـــكـــتـــاب
الـقراءة الـمضمونــيـة:
الفصـــــــل الأول : التطور التدريجي في الشعر
الحدـيث
.

القسم الأول: نحو مضمون
ذاتي.

·الشعر العربي القديم:
أمران مهمان يحددان
التطور في الشعر العربي،عند أحمد المجاطي، هما: الحرية و الاحتكاك بالثقافة
الأجنبية.

و في الشعر العربي القديم لم يتحقق هذا التطور إلا جزئيا، في
مرحلتين:

◄ في العصر العباسي، مع شعراء رفعوا لواء الحداثة الشعرية و
التحول، أمثال: أبي نواس،

و أبي تمام، و
المتنبئ.

◄ في شعر الموشحات الأندلسية خاصة على مستوى الإيقاع
العروضي.

و مع هيمنة معايير القصيدة العمودية التي كان يدافع عنها نقاد
اللغة ظل هذا التجديد محدودا و ضئيلا.

نستنتج أن الشعر العربي
القديم ظل – في مجمله - ثابتا و محافظا على الأصول، و لم يحقق تطورا ملحوظا بسبب
انعدام الحرية الإبداعية و ضعف الاحتكاك بالثقافات و الآداب
الأجنبية.

·التيار الإحيائي :
كانت العودة إلى التراث
الشعري العربي في مراحل إشراقه، أهم مرتكز يقوم عليه التيار الإحيائي قصد

تجاوز ركود عصر الانحطاط و مخلفات كساد شعره و الخروج من الأزمة
الشعرية التي عاشها شعراء عصر النهضة.

و يعتبر محمود سامي
البارودي أهم زعماء هذا التيار، إذ نظم شعره متوسلا بالبيان الشعري القديم، مما جعل
هذا التيار حركة تقليدية محافظة جراء مجاراتها طرائق التعبير عند الشعراء القدامى،
و وضعف اطلاع أصحابه على الآداب الأجنبية.

·التيار
الذاتي:

تداخلت عدة عوامل سياسية و اجتماعية و تاريخية، للدفع نحو تجاوز
شعار العودة إلى التراث، و الأخذ بشعار البحث عن الذات الفردية و الإعلاء من شأنها،
مما أنتج تيارا ذاتيا في الكتابة الشعرية العربية الحديثة، تشكل عبر الجماعات
الأدبية الآتية:

(أ)جماعة الديوان:
و تضم كلا من العقاد و
شكري و المازني، الذين آمنوا بأن الشعر وجدان، لكنهم اختلفوا في التعبير عن هذا
الإيمان، مما أعطى تمايزا في مضامين إبداعهم الشعري، يمكن تجسيده
كالآتي:

العقاد شكري المازني
-
"مفكر قبل أن يكون شاعرا"

- غلب التفكير على
الوجدان و الشعور

- قصيدة"الحبيب" غلب فيها المنطق العقلي على ما هو
وجداني داخلي.

-
من طبيعة الشعر عنده أن ينطلق من النفس بصورة
طبيعية.

- تعامل مع الأشياء تعاملا مباشرا أساسه الانفعال المباشر دون تدخل
من العقل أو توغل في أعماق النفس

-
تأمل في أعماق الذات، و انصرف عن الاهتمام بالعقل
الخالص.

- المعاني جزء من النفس تدرك بالقلب لا بالعقل،مما أنتج لديه شعر
الاستبطان و استكناه أغوار الذات

نصل مما سبق إلى أن ميزة
الشعر الذاتي عند جماعة الديوان هي التمايز و التفرد و التغني بشعر الشخصية،و ليس
دعوة لإبداع شعر متشابه الوسائل و الغايات. و لعل مرجع اهتمام الجماعة بالعنصر
الذاتي أمران:

إعادة الاعتبار للذات المصرية التي كانت تعاني من
الانهيار التام .

انتشار الفكر الحر بين مثقفي و مبدعي مصر، فعبروا عن
أنفسهم باعتبارها قيما إنسانية ذات وزن.

(ب) تيار الرابطة القلمية
:

تجاوز مفهوم الوجدان مع شعراء الرابطة القلمية، الذات ليشمل الحياة
و الكون في إطار وحدة الوجود الصوفية، فقالوا بوجود روابط خفية، تشد الكائن الفرد
إلى الكون جملة، و أن من شأن هذه الروابط الرفع من مكانة الفرد، و تقريبه من الذات
الإلهية حتى تغدو العودة إلى الذات عبارة عن تفتح العالم بكلياته و جزئياته، و قد
اختلفت سبل العودة إلى الذات عند كل من جبران خليل جبران، و ميخائيل نعيمة، و إيليا
أبي ماضي.

جبران نعيمة أبو ماضي
-
انقطع إلى التأمل في نفسه، مؤمنا بأن ملكوت الله في داخل
الإنسان.

- لا مجال لمحاولة التحرر من الفساد

- الصلاح و الطلاح شيء واحد، ووجودهما ضروري كوجود الليل و النهار.

-
آثر حياة الفطرة على تعقد الحضارة.

- هرب بأحلامه إلى
الغاب.

- قدم عن المجتمع المتحضر صورة حافلة بالضجيج و الاحتجاج و
الخصومة.

-
استعصم بالخيال و ركن إلى القناعة و الرضى.

- فر من الحضارة المعقدة
إلى القفر أو إلى الغاب.

- عاد إلى نفسه ليتأسى
روحيا.

رغم معاصرة شاعر الرابطة القلمية للمد القومي العربي،
إلا أنه ظل حبيس الذات و المضامين السلبية مثل اليأس و الخنوع و الاستسلام و
القناعة، مخالفا حقيقة الوعي القومي المستلزم للأفعال الإيجابية و التغيير الثوري و
ترجمة المشاعر إلى الواقع العملي.

(ج) جماعة
أبوللو:

أسسها الدكتور أحمد زكي أبو شادي سنة 1932، ارتكزت في مفهومها
للشعر على التغني بالذات و الوجدان، إذ رأت في ذات الشاعر مصدر ما ينتج من شعره،
بشكل يسمح بتعرف هذه الذات من خلال النظر في شعر صاحبها. يرى أحمد المجاطي أن معاني
الشعر عند أصحاب هذه الجماعة تتميز بالسلبية نظرا لتعاطيهم مع مواضيع الطبيعة و
الهروب من الحياة الواقعية إلى الذات المنكمشة، و من المدينة نحو الغاب، و اصطباغ
شعرهم بالخيبة و الحرمان و اليأس بالمرارة و المعاناة من
الاغتراب.

انتهت جماعة أبوللو بالانفصال و التمزق و الهجرة و الفرار، فتعددت
الاتجاهات المختلفة التفاصيل، و المتحدة عند انفصال الشاعر المصري عن
مجتمعه.

القسم الثاني: نحو شكل جديد.
اتخذ تطور القصيدة
العربية منحى متكاملا، ارتكز على مبدإ العودة إلى الذات، إذ أدرك الشاعر الوجداني
أن كل تجربة جديدة لا تعبر عنها إلا لغة تستوفي صيغتها التعبيرية و صورها البيانية
و إيقاعاتها الموسيقية من التجربة نفسها. و من تم راح يعتمد للتعبير عن تجربته
الذاتية أشكالا تختلف في خصائصها عما ألفه التيار التقليدي من أشكال كان مصدرها
امتلاء الذاكرة و تقليد النموذج.

و يمكن إجمال خصائص الشكل
في القصيدة الوجدانية في ما يلي:

·سهولة التعبير: راح
الشاعر الوجداني الحديث يقترب من أحاديث الناس، موظفا لغة الحديث المألوف و لغة
الشارع كما عند العقاد في قصيدة"أصداء الشارع" من ديوان "عابر سبيل"، إذ أصبحت
السهولة صفة أساسية في أسلوبه.

·الصورة البيانية: صارت
تعبيرية و انفعالية و ذاتية ملتصقة بتجربة الشاعر الرومانسي، يريد بها شرح عاطفة أو
بيان حالة، بعد أن كانت عند الإحيائيين زخارف و أصباغا تراد
لذاتها.

·الوحدة العضوية: ابتغى الشاعر الوجداني ربط العواطف و الأحاسيس و
الأفكار ببعضها ربطا يظهر القصيدة بمظهر الكائن الحي، لكل عضو من أعضائه دور هام
يحدده مكانه من الجسد، فربط القافية و الوزن، مثلا، بالأفكار و العواطف الجزئية لا
بموضوع القصيدة بوصفه كلا موحدا، فنظموا قصائد ذات موضوع واحد و قواف متعددة و
أوزان مختلفة.

هذه المحاولات التجديدية انحصرت على مستوى الشكل بفعل
الحملة التي شنها النقاد المحافظون على هذه الحركة التجديدية النامية و محاولاتها
المستهدفة للغة و الأوزان و القوافي و الصور
البيانية.

اصطبغت نهاية هذه التيارات التجديدية بالحزن إن على صعيد المضمون
أو الشكل:

فعلى صعيد المضمون: انحدر إلى مستوى البكاء و الأنين و التفجع و
الشكوى، و هي معان ممعنة

في الضعف وتكشف عما
وراءها من مرض و خذلان.

و على صعيد الشكـــل : فشل في مسيرته نحو الوصول إلى
صورة تعبيرية ذات مقومات خاصة

و مميزات مكتملة ناضجة، و
كان فشله بفعل النقد المحافظ الذي استمد قوته مما كان الوجود العربي التقليدي يتمتع
به من تماسك و مناعة قبل نكبة فلسطين، و الذي سيتغير بعد النكبة.

الفصـــــــــل الثاني : تجربة الغربة و
الضياع
.

لم يكنِ الشاعر العربي الحديث بمعزل عن المؤثرات
العامة المحيطة به، بدءاً بواقع الهزيمة الأسود مع نكبة فلسطين عام ، مرورا بالمد
القومي الوليد، وصولا إلى انهيار الواقع العربي و ما أحدثه من زرع الشكوك في نفوس
المثقفين و المبدعين، و إسقاط كل الوثوقيات العربية التقليدية و الثوابت المقدسة و
الطابوهات. لقد مكنت كل هذه الاهتزازات الشاعر العربي الحديث من خلخلة الثوابت، و
الانفتاح على ثقافات العالم، شرقه و غربه، و كذا على التراث العربي، فكان
:

1/ استيعاب الروافد الروافد الفكرية القادمة من الشرق، ( مذاهب
صوفية، تعاليم متحدرة من الديانات

الهندية و الفارسية و
الصابئة...)

2/ الاستفادة من الفلسفات الغربية الحديثة ، من
وجودية و اشتراكية...

3/ التفاعل مع أشعار: بابلو نيرودا، و بول ايليوار، و
لويس أراكون، و كارسيا لوركا،

و ماياكوفسكي، و ناظم
حكمت، و توماس إليوت....

4/ التأثر بأشعار جلال الدين الرومي، و عمر الخيام، و
فريد العطار، و طاغور....

5/ الانفتاح على الثقافات
الشعبية ( سيرة عنترة بن شداد، سيرة سيف بن ذي يزن،سيرة

أبي زيد الهلالي، كتاب ألف ليلة و
ليلة....)

6/ التعمق في القرآن الكريم، و في الحديث النبوي
الشريف.

7/ التمعن في الشعر العربي القديم.
بكل ذلك غدا الشعر العربي
الحديث وسيلة لاستكشاف الإنسان و العالم تعبر عن ثمار الرؤيا الحضارية الجديدة التي
استقرت عند بعض الشعراء المحدثين الكبار، من أمثال السياب و نازك الملائكة و
البياتي و صلاح عبد الصبور و خليل حاوي و أدونيس و غيرهم.

و من الموضوعات التي تسجل حضورها بكثرة في الشعر العربي الحديث،
تجربة الغربة و الضياع التي يرجع الدارسون عوامل بروزها إلى ثلاثة
هي:

(أ ) التأثر بشعر توماس إليوت، خاصة في قصيدته " الأرض
الخراب"

(ب) التأثر بأعمال بعض المسرحيين و الروائيين الوجوديين أمثال:
ألبير كامو، و جون بول سارتر،

و بعض النقاد مثل: كولن
ولسون، خاصة في دراسته عن اللامنتمي ، و هي أعمال ترجمت إلى اللغة العربية و ساعدت
في تبني الشباب موجة من القلق و الضجر انعكست في
أشعارهم

(ج) عامل المعرفة، باعتبار المعرفة سلاح الشاعر
الحديث.

إلا أن أحمد المجاطي لا يقر بكون هذه المصادر هي الوحيدة التي شكلت
سبب نغمة الكآبة و الضياع و التمزق، بل هو يرى أن هناك جذورا لهذه النغمة تتمثل في
تربة الواقع العربي الذي حولته النكبة إلى خرائب و أطلال، ذلك أن النكبة في نظره
أهم عامل في الدفع نحو آفاق الضياع و الغربة بالشعر العربي الحديث، فليس الأمر مجرد
نغمة سوداء استقدمها الشعراء بقدر ما هو مأساة حقيقية مصدرها هذا الواقع المنحل و
ذلك التاريخ الملوث اللذين قدر على الشاعر العربي الحديث أن يحمل لعنتهما مما يؤكد
أصالة هذه التجربة و ضرورة البحث عن جذورها في الواقع، و تصوير أهم مظاهرها البارزة
في القصيدة العربية الحديثة، و التي نذكر منها :

1.الغربة في
الكون:

حين حلت النكبة، و طرد العربي الفلسطيني من أرضه، و نفي من أمجاده
و تاريخه، و حاصرته المهانة و الذل، و انفصل عما حوله من أشياءَ و قيمٍ، مال إلى
الشك في كل شيءٍ، و كان الشاعر بفعل حساسيته المفرطةِ، أبلغ من جسد هذا الميل حين
جرب أن يحس بوحدته و تفرده في الكون، و تولى أمر نفسه بنفسه، فشكك في الحقائق و مال
إلى التفلسف الوجودي ( الأنطولوجي )، و تفسير الكون عقلا ومنطقا، بفعل إحساسه
بالعبث و القلق و المرارة المظلمة، و ممن جسد هذا الميل نذكر: صلاح عبد الصبور، و
السياب، و أدونيس، و يوسف الخال .

2.الغربة في
المدينة:

آمن الشاعر العربي الحديث بأن هدف الشعر هو تفسير العالم و تغييره،
لذا وجد في المدينة المجال الأنسب لتحقيق هدفه، على اعتبار أنها تمثل الوجه الحضاري
للأمة بكل أبعاده الذاتية و الموضوعية، و تتخذ قناعا سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا و
اقتصاديا .

لكن المدينة العربية فقدت كثيرا من مظاهر أصالتها، حين غزتها
المدينة الأوربية، فأضحت بمصانعها الحديثة

و عماراتها الشاهقة و
طرقاتها الفسيحة، قالبا لا يناسب واقع الأمة العربية المهزومة مما غذى إحساس الشاعر
العربي الحديث بالغربة في علاقته بالمدينة مكانا و ناسا وقيما و أشياءَ، فكان أن
سلك في تصوير هذه المدينة طرقا متعددة، فقد صورها في ثوبها المادي و حقيقتها
المفرغة من كل محتوى إنساني، كما فعل أحمد عبد المعطي حجازي في ديوانه (مدينة بلا
قلب).كما اهتم الشاعر العربي الحديث بالناس في المدينة، فقدمهم صامتين يثقلهم
الإحساس بالزمن، مشغولين بأنفسهم، لا يكاد يلتفت الواحد منهم إلى
الآخر.

و رغم هذه المواقف السلبية من المدينة فإن الشاعر الحديث لم يستطع
الهروب منها إلى الريف أو الغاب، كما فعل الرومانسيون، فقد وجد أن المدينة تحاصره،
كما عند السياب مع بغداد، إذ وجد أن الخلاص منها يكمن في الموت، كما عند صلاح عبد
الصبور في قصيدة (الخروج).

3.الغربة في
الحب:

فَشَلٌ ثالث يضاف إلى فشل الشاعر العربي الحديث في فهم أسرار الكون
و في التأقلم مع المدينة، إنه فشله في الحب الذي بات زيفا مصطنعا و بريقا واهما،
ذلك أن هموم الشاعر العربي الحديث كثيرة متنوعة، و تركيبته النفسية معقدة لا ينفع
معها ترياق الحب بمفهومه الروحي أو المادي، فلم تعد المرأة بجسدها و أنوثتها و
رقتها و جمالها قادرة على تخليصه من همه القاتل، بل إن العلاقة بين الزوجين تحولت
إلى عداوة و قتال كما عند خليل حاوي في قصيدته (الجروح السود) من ديوانه (نهر
الرماد)، و الحب يموت كما عند عبد المعطي حجازي، أو يصاب بالاختناق كما عند صلاح
عبد الصبور.

4.الغربة في الكلمة:
كانت رغبة الشاعر العربي الحديث أن تكون كلمته قوة و حركة وفعلا،
غير أن الزمن لم يلبث أن حول الكلمة على لسانه إلى حجر كما قال أدونيس في قصيدة
(السماء الثامنة) من ديوان (المسرح و المرايا)، فعاشت الكلمة بذلك غربتها الذاتية
في واقع لا يربي سوى الصدى و خنق الجهر، و قتل الكلام الصارخ، مما جعل الشاعر يلوذ
بالصمت، كما فعل البياتي في قصيدة (إلى أسماء) من ديوان (سفر الفقر و الثورة) رغم
كونه عذاب و سكون و حزن، حين اكتشف أن نضاله بالكلمة لن يتجاوز تصوير الواقع البشع
الذي خلقته الهزيمة و حكمت عليه بمعاناته و الاكتواء بناره، دون أن تمتلك الكلمة
ميزة الحركة و الفعل.

خلاصة
الفصل:

هكذا شكلت هذه التنويعات الأربعة الأبعاد المختلفة لتجربة الغربة
لدى الشاعر العربي الحديث و التي تبلورت في مفهوم دال واحد هو : الغربة في الواقع
الحضاري، سواء تمظهرت من خلال جانب واحد أو أكثر، فقد كان هدفه الأساس هو البحث عن
الخلاص الكلي إيمانا منه أن وراء كل ظلمة نوراً، و أن الموت نفسه وسيلة إلى الحياة
حين لا تبقى أية وسيلة أخرى، فكان هناك ارتباط وثيق بين معاني الضياع و الغربة و
معاني اليقظة و التجدد و البعث، و حصل تداخل بين بين المعاني جميعها في قصائد
الشعراء المحدثين.

الفصل الثالث تجربة الحياة و
الموت

لم يكن حال الأمة العربية كله مدعاة لليأس و الغربة و
الضياع و السأم و الحزن، ذلك أن العشرين سنة التي تلت النكبة قد شهدت هزات عنيفة و
تغيرات واسعة شملت العالم العربي كله ، مما ولد حالا آخر ممثلا في إيقاع الأمل و
الحياة و اليقظة و التجدد ، بسبب ما تم إنجازه واقعيا و سياسيا بدءاً بثورة مصر سنة
مرورا بتأميم قناة السويس و رد العدوان الثلاثي وصولا إلى استقلال أقطار العالم
العربي...الشيء الذي انعكس في أشعار بعض شعراء هذه المرحلة، ذكر منهم أحمد المجاطي
أربعة هم : بدر شاكر السياب و خليل حاوي و أدونيس 1952 و عبد الوهاب
البياتي.

لقد رفض الشاعر من هؤلاء الموت، موت الحياة الذي ليس بعده بعث، و
قَبلَ بموت تكون معه الحياة،فعانق بذلك الرفض و الثورة و النضال ، و التجدد و الأمل
و التحول و الحياة.

يرى المجاطي أن هؤلاء الشعراء هم أفضل من يمثل هذا
الاتجاه، و يعدد الخصائص التي توحد بينهم في ما يلي:


  • ارتباط تجربتهم
    بالحياة و الموت.

  • ارتباط تجربتهم
    بالواقع الحضاري للأمة.

  • رغبتهم في
    الانتصار على جميع التحديات التي تواجه الذات و الكون و الزمن و الجماعة.

  • استخدامهم
    للمنهج الأسطوري.

  • استشراف
    المستقبل.

لقد استفاد الشاعر الحديث من مجموعة من الأساطير و الرموز الدالة
على البعث و التجدد، استلهمها من الوثنية البابلية و اليونانية و الفينيقية و
العربية، و من المعتقدات المسيحية و من الفكر الإنساني عامة، و من هذه الأساطير
نذكر: تموز ، و عشتار ، و أورفيوس ، و طائر الفينيق ، و مهيار الدمشقي ، و العنقاء
، و السندباد ، و عمر الخيام ، و الحلاج... مما أرز منهجا نقديا و أدبيا و فلسفيا
يسمى بالمنهج الأسطوري، يصوغ فيه الشاعر مشاعره و رؤاه، و مجمل تجربته في صور
رمزية، يتم بواسطتها التواصل عن طريق التغلغل إلى اللاشعور حيث تكمن رواسب
المعتقدات و الأفكار المشتركة.

أدونيس:
ركز الكاتب في دراسته لأدونيس على ديوانيه( كتاب التحولات و الهجرة
في أقاليم النهار و الليل) و ( المسرح و المرايا )، فلاحظ أن ما يميز تجربة الحياة
و الموت عند أدونيس، من خلالهما، هو صدورها عن ذات محتقنة بفحولة التاريخ العربي،في
واقع يفتقر إلى الفحولة و الخصب،و محتقنة بجموح الحضارة العربية قبل أن يسلط سيف
الاستعمار على عنقها.

كان موقف أدونيس من الواقع العربي المنهار هو موقف
الرافض للموت، لذلك كان في شعره اتجاهان:

·اتجاه ينطلق من الحيرة و
التساؤل، و البحث عن وسيلة للبعث.

·اتجاه ينطلق من اكتشاف
مفهوم التحول بصفته وسيلة لدفع الواقع العربي نحو البعث و
التجدد.

و الاتجاهان معا متكاملان منسجمان مع موقف احتقان الذات بفحول
التاريخ العربي و إمكانية البعث، و بإمكانية التحول التي تدور حولها معاني الحياة و
الموت عند أدونيس.

لقد كان المنهج الأسطوري بارزا جليا في شعر أدونيس ،
عكس مفهوم التحول الذي انفلت من إطار هذا المنهج أحيانا، ليؤسس عالما شعريا لا
نهاية فيه للعمليات الكيميائية بين عناصر الذات و الأشياء، و الروح و المادة و
الحياة و الحصاد، من أجل أن يتحقق النصر الكامل للحياة، مما جعل شعر أدونيس أقل
ارتباطا بحركة التاريخ العربي، إذ أمعن في تخطيها و تجاوزها طمعا في إقامة حوار
غريب مع زمن لم يجئ بعد.

خليل
حاوي:

عبر خليل حاوي في دواوينه الثلاثة ( نهر الرماد ) و ( الناي و
الريح ) و بيادر الجوع )، عن مبدإ آخر غير مبدإ التحول، هو مبدأ المعاناة، الحاضر
في مقدمات قصائده و في شعره، معاناة الموت و معاناة البعث، على إيقاع من الأمل و
اليأس بصور الخراب و الدمار و الجفاف و العقم، و قد وظف في شعره أسطورة تموز و
أسطورة العنقاء ، دلالة على الخراب الحضاري و التجدد مع
العنقاء.

و يرى أحمد المجاطي في تجربة الشاعر خليل حاوي، تجربة عظيمة قائمة
على التوافق بينها و بين حركة الواقع في حقبة من تاريخ الأمة العربية، و على قدرته
على تجاوز ذلك الواقع و تخطيه، و على معاينة ملامح الواقع المرعب المنتظر.

بدر شاكر السياب:
تناول السياب في الكثير من قصائده معاني الموت و البعث، فعبر عن
طبيعة الفداء في الموت، معتقدا أن الخلاص لا يكون إلا بالموت، بمزيد من الأموات و
الضحايا كما في قصيدة " النهر و الموت"

لقد عمل السياب على
استثمار الإطار الأسطوري ليحول الموت إلى فداء، ليجعل الفداء ثمنا للموت، كما فعل
في قصيدة " المسيح بعد الصلب " مثلا حين استخدم رمز المسيح للتعبير عن فكرة
الخلاص.

و يرى الكاتب أن إدراك السياب لجدلية الحياة و الموت، و تحويل
الموت إلى فداء، قد يكون له علاقة بمزاجه، أو التركيب الغريب لعقله الباطن، و يقر
الكاتب أن السياب عرف كيف يفيد من ذلك في تتبع معاني الحياة و الموت على مستوى
الواقع الذاتي و الحضاري.

عبد الوهاب
البياتي:

تحمل أشعار البياتي قضية الصراع بين الذات و موت الحضارة و بعثهما،
من خلال جدلية الأمل و اليأس، و قد تمت صياغة هذه القضية في أشعار البياتي من خلال
ثلاثة منحنيات هي:

1. منحنى الأمل : و فيه انتصار ساحق للحياة على
الموت، و تمثله الأعمال الشعرية التالية : ( كلمات لا تموت / النار و الكلمات / سفر
الفقر و الثورة )، إذ يظهر الشاعر مناضلا يعيش الأمل لصالح الحياة، فيغدو السقوط
حياةً و الهزيمة انتصارا و الموت حياةً.

2.منحنى الانتظار: و فيه
تتكافأ الحياة مع الموت و يمثله ديوان (الذي يأتي و لا يأتي )و فيه أربعة خطوط هي:
خط الحياة و خط الموت و خط الاستفهام و خط الرجاء و
التمني.

3.منحنى الشك: يتم فيه انتصار الموت على الحياة، و يمثله ديوان
(الموت و الحياة)، و هو يكشف زيف النضال العربي، لأنه لا موت بدون نضال و لا بعث
بدون موت.

يصل الكاتب إلى حكم مفاده أن قدرة البياتي على كشف الواقع هي سبب
اهتمامه بالموت، و أن اهتمامه بالحياة مصدره إيمانه بالثورة، و الصراع بين الحياة و
الموت. و أنه من كل ذلك تفجرت صور الأمل و اليأس و صور القلق و
الانتظار.

خلاصة الفصل:
لم يغفل المجاطي، و هو ينهي مقاربته هذه التجربة، التنويه بإضافتها
النوعية المتمثلة في المضامين و كشف الواقع و استشراف المستقبل، مما جعل منها تجربة
مرتبطة بحركة التاريخ خلال العشرين سنة الفاصلة بين النكبة و النكسة، رغم كونها لم
تأت أكلها، و يحدد الكاتب العوامل التي حالت دون وصول هذه التجربة للجماهير العربية
في:

1.عامل ديني قومي: الخوف مما يمكن أن تمثله هذه التجربة من تطاول
على التراث باسم الشعر.

2.عامل ثقافي: وقوف جماعة من الشعراء و النقاد في وجه
ما هو جديد.

3.خوف الحكام من المضامين الثورية لهذه التجربة، مما
جعلهم يلجأون إلى المصادرة و المنع و السجن و النفي.

الفصل الرابع الشـكـــل
الجـــديـــد

تقديـــــــــــــــم:
إذا كان لكل تجربة شعرية إطارها السوسيوتاريخي، فإن لها كذلك
أدواتها التعبيرية و وسائلها الفنية التي تمدها بالقيمة الجمالية لتجعل منها تجربة
متميزة متكاملة في البناء العام للقصيدة و اللغة و طريقة التعبير و توظيف الصور
البيانية و الرموز و الأساطير .

و لأن الشكل الفني ليس
قالبا أو نموذجا أو قانونا ، بل هو حياة تتحرك أو تتغير، فقد حرص الشاعر العربي
الحديث على تجاوز الشكل القديم، فأقام بناءً من التحولات التي خلخلت العناصر
الأساسية للشكل الشعري، مثل اللغة و الإيقاع و التصوير... و هي تحولات كان لها أثر
كبير على سياق القصيدة و بنائها العام أيضا.

فما التحولات التي رأى
المجاطي أنها أصابت عناصر الشكل الشعري في القصيدة العربية الحديثة ؟ .

1/ تطور اللغة في الشعر الحديث:
يرى أحمد المجاطي أن لغة الشعر الحديث تتصف بكثير من الخصائص التي
لايمكن أن تظهر من دراسة ديوان واحد، بل تحتاج لكثير من التأمل و البحث في لغة
الشعر الحديث، و هي الخصائص التي يسميها الناقد ب ( المميزات الثورية للغة الشعر
الجديد) و منها :

·النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث: لغة جزلة و
عبارة فخمة و سبك متين، على غرار الشعر القديم ، وتبدو هذه الخاصية عند السياب في
دواوينه القديمة و المتأخرة، خاصة قصيدته " مدينة بلا مطر" و قصيدة " منزل الأقنان"
.

·البعد عن لغة الحديث اليومية: كما عند أدونيس و البياتي و محمد
عفيفي مطر و صلاح عبد الصبور...، إذ تبتعد لغة الشعر عندهم عن لغة الحديث الحية
بعدا يمنح مفرداتها قيما و دلالات مغايرة لما تحمله في الاستعمال
الشائع.

·السياق الدرامي للغة الشعر الحديث: كما نجد عند محمد مفتاح
الفيتوري في قصيدته " معزوفة لدرويش متجول" إذ يشغل لغة درامية متوترة نابعة من صوت
داخلي منبثق من أعماق الذات، و متجها إليها.

2/ التعبير بالصورة في
الشعر الحديث:

لقد تجاوز الشاعر الحديث الصور البيانية المرتبطة بالذاكرة
التراثية عند الشعراء الإحيائيين، و الصور المرتبطة بالتجارب الذاتية عند
الرومانسيين ، إلى صور تقوم على توسيع مدلول الكلمات من خلال تحريك الخيال و
التخييل و تشغيل الانزياح و الرموز و الأساطير و توظيف الصورة/ الرؤيا و تجاوز
اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة الإيحاء.

و لعل تجاوز الشاعر
للصورة البيانية قد ساهم في إبعاد تجاربه الشعرية عن دوق عامة الناس، مما منحهم
نوعا من التبرير لوصف الشعر الحديث بالغموض.

3/ تطور الأسس الموسيقية
للشعر الحديث:

إن الشاعر الحديث و هو يسعى إلى بناء نظام موسيقي جديد، لم يكن
يهدف إلى هدم الأصول الموسيقية الموروثة، بل كان غرضه أن يتحرر من بعض القيود
بالقدر الذي يمنح له من الحرية ما يسعفه في التعبير عن عواطفه و أحاسيسه و فكره...
و لاشك في أن ذلك القدر من الحرية الذي تمتع به قد أتاح له أن يطوع تلك القوانين و
أن يطورها ، و أن يضيف إلى الخصائص الجمالية للبحور التقليدية ، خصائص جمالية أخرى
تستمد أصولها من التطور الذي أصاب المضامين الشعرية
نفسها.

لقد وجد الشاعر نفسه، قديما، متقبلا خاضعا لقيود صرامة البيت و
سياقه الهندسي، مما عطل تطور نظام موسيقى الشعر حتى أواخر العقد الخامس من القرن
العشرين، حيث تحققت تطورات في الإطار الموسيقي للقصيدة العربية
منها:

·تجاوز نظام الشطرين لصالح السطر
الشعري.

·السطر الشعري قد يطول و قد يقصر بحسب ما يتضمن من نسق شعوري أو
فكري.

·طول ذلك السطر قد يتراوح ما بين تفعيلة واحدة و تسع
تفعيلات.

·إذا كان عدد التفعيلات في أية قصيدة تراثية محدداً و محصوراً
تتوزعه الأعجاز و الصدور، فإن التفعيلات في القصيدة الحديثة تمثل عدداً لا يحيط به
الحصر.

·ينظم الشاعر الحديث على ستة بحور هي المعروفة بالصافية و هي:
الهزج (مفاعيلن)، و الرمل (فاعلاتن)، و المتقارب (فعولن)، و المتدارك (فاعلن)، و
الرجز (مستفعلن)، و الكامل (متفاعلن).

·أصبح بمقدور الشاعر أن
يستخرج من البحر الواحد أكثر من بناءٍ موسيقي واحدٍ.

·امتاز نظام التفعيلة
بالمرونة و الطواعية.

·الخلط بين البحور داخل قصيدة واحدة، في محاولة
لتفتيت وحدة البيت فيها، كما عند السياب في قصائده من ديوان " شناشيل ابنة الجلبي"،
و أدونيس في قصيدة" مرآة لخالدة" من ديوان " المسرح و
المرايا".

يرى أحمد المجاطي أن البحور المختلطة رغم ما تتوفر عليه من طاقات
موسيقية كبيرة فهي لم تستغل لأسباب منها:

1.مسألة الزحاف : تولد
إحساسٌ بالرتابة و الملل ناتج عن اعتماد التفعيلة كوحدة إيقاعية ثابتة، و لتكسير حد
القافية و منحها مزيدا من التنوع و التلوين، لجأ الشاعر الحديث إلى الإكثار من
استعمال الزحاف، فكان أن حصل الشاعر على أكثر من إيقاع من دون أن يلجأ إلى البحور
المختلطة.

2.تنويع الأضرب : بهدف التنويع في الإيقاع و التلوين في النغم، عمد
الشاعر الحديث إلى:

·توظيف تفعيلات تعود إلى أصل واحدٍ، كما في أبيات عبد
الصبور ( مستفعلن ).

·تنويع الأضرب دون الاكتراث بقيود
القافية.

·إدماج بعض البحور المتشابهة في بحر واحدٍ، مثل: الرجز و
السريع.

3.فاعل في حشو الخبب : تظل مسألة تنويع الأضرب و القافية تلوينات
مقبولة و ملتزمة بقوانين علم

العروض، إلا أن الخروج عن
هذه القوانين يتمثل في استعمال (فاعل) بدل (فاعلن) في حشو بعض

أبيات الشعر الحديث، و هو خروج أصبح متفشيا في كثير من قصائد الشعر
المعاصر الجديد، و مستساغا من قبل " الرأي العام" على حد تعبير كل من محمد النويهي
و عز الدين إسماعيل.

4.مسألة التدوير : إن حركة المشاعر و الأفكار و
الأخيلة قد تأخذ شكل دفقة تتجاوز، في اندفاعها،

حدود الشطر أو البيت
الشعريين، مما نتج عنه نتيجتين:

·الأولى: تبرز في التعبير
عن الدفقة دون الوقوع في التدوير، و بالتالي اللجوء إلى استعمال تفعيلة خماسية أو
تساعية كما ورد عند نازك الملائكة و خليل حاوي.

·الثانية: و تظهر في
اتساع الدفقة الشعورية و بالتالي الوقوع في التدوير الذي يتخلص من صرامة البيت ذي
الشطرين و من انتظامه في نسق هندسي رتيب.

4/ نظام القافية في الشعر
الحديث:

يمكن تلخيص التغييرات التي مست القافية باعتبارها جزءاً من البناء
العام للقصيدة في ما يلي:


  • الالتزام
    بالقافية باعتبارها نظاما إيقاعيا دون الالتزام بحرف روي واحدٍ.

  • الربط بين
    إيقاع البيت و إيقاع القافية.

  • التخلي عن
    القافية باعتبارها المرمى الأفقي النهائي للجمل المختلفة، و جعلها محطة وقوف
    اختيارية تستجمع فيها الدفقة الشعورية أنفاسها.

  • جعل القافية
    لبنة حية في البناء الموسيقي العام للقصيدة.

  • إخضاع البناء
    الموسيقي لحركة المشاعر و الأفكار.

  • الابتعاد عن
    النزعة الهندسية الحادة التي عُرفت بها القوالب الموسيقية التقليدية .

و يرى الكاتب في آخر الكتاب أن الحداثة من العوامل التي كانت وراء
وصف الشعر العربي الحديث بالغموض، إلى جانب ما تتطلبه القصيدة الحديثة من إعمال
للجهد و استلزام لذوق قرائي جديد ، ثم انفصال هذا الشعر عن الجماهير ما دام لا ينزل
معها إلى ساحة المقاتلة و النضال و الصراع ضد قوى الاستغلال و البطش و لا يشاركها
في معاركها الحضارية .
القضايا النقدية في كتاب " ظاهرة الشعر
الحديث"
إن قراءة كتاب أحمد المجاطي تجعلنا نقف على جملة قضايا نقدية عمل
الكاتب على طرحها و مناقشتها و إبداء رأيه وفيها، و يمكن إجمال أهم هذه القضايا في
ما يلي :

1. دور التجربة
الذاتية:

[right]يخلص المجاطي إلى أن تطور الشعر عموما يتنج عن تحقق عاملين يتمثلان
في الاحتكاك بالثقافات و الآداب الأجنبية، و توفر مقدار من الحرية للشعراء يمكنهم
من التعبير عن تجاربهم. و قد أدى تفاعل هذين العاملين في الشعر العربي الحديث إلى
ظهور تيارات مختلفة في الخصائص و متفقة في الهدف ( إخراج الشعر العربي من إطار
التقليد إلى حدود التعبير عن التجربة الذاتية كما يعيشها الشاعر)، منها الديوان و
أبوللو و الرابطة القلمية... و قد أرجع المجاطي سبب الاهتمام بقضية الذات في الشعر
العربي إلى :


  • ظهور
    البورجوازية الصغيرة على مسرح الأحداث في مصر، و الالتحام بيم الأجيال الصاعدة و
    بين الحضارة الحديثة.

  • معاناة شخصية
    الفرد المصري من انهيار تام ، و محاولة إعادة الاعتبار إلى ذاته المسحوقة.

  • تشبع شعراء هذه
    التيارات بالفكر الحر، مما مكنهم من فرص التعبير عن أنفسهم بكل حرية.

و
إذا كان شعراء هذه التيارات قد استطاعوا التمرد على بنية القصيدة التقليدية و
موضوعاتها، فإنهم قد ظلوا حبيسي معاني اليأس و التردد و القناعة و الاستسلام،
رافضين الانفتاح على الحياة المتجددة، حتى أثروا في من جاء بعدهم، فتشابهت التجارب،
و كثر الاجترار، وقلت فرص الجِدة و الطرافة.

2. الاغتـــراب:

يرى بعض الدارسين أن قضية الاغتراب في شعرنا الحديث ليست إلا نوعا
من التأثر بأحزان الشاعر الأوروبي الحديث(شعر ت.س.إليوت) ، إلا أن المجاطي ينظر إلى
هذه القضية في شموليتها و كليتها، ذلك أن الشاعر العربي الحديث إذا كان قد تأثر
بهذه الرؤية الوافدة ، فإنه قد استجاب لها لأن الواقع العربي يتوفر على مشيرات
كافية تسمح له بذلك.

إن أبعاد قضية الاغتراب و الحزن في شعرنا العربي
الحديث تدور كلها حول موقف الذات الواعية من الكون و من المجتمع و من نفسها . و هي
في محاولتها التوازن تبحث عن كل وسيلة، تبحث عن الموت نفسه، كما تبحث عن الجنون،
فإن عز منالها فإنها تبحث عن الحب، و لكن الحب نفسه يكون قد مات مع فقدان القدرة
عليه، فلا يبقى إلا الضياع.

و الحق أن نزعة الاغتراب
و الحزن في شعرنا الحديث قد أضافت إلى التجربة الشعرية بعامة آفاقا جديدة زادتها
ثراءً و خصباً، كما أنها ولدت طاقات تعبيرية لها أصالتها و قيمتها .

3. اللغة في الشعر الوجداني:
يرى المجاطي أن سهولة اللغة تعتبر من خصائص الشكل في القصيدة
الوجدانية الحديثة، و المقصود بالسهولة الاقتراب من لغة الحديث المألوف. و أن
الشاعر الوجداني لم يكن يلجأ إليها للتعبير عن همومه اليومية الصغيرة فحسب، بل عبر
بها عن تجارب أعمق و أشد تجريدا.

كانت بواعث الشعراء
الوجدانيين في هذا السياق تتمثل في التحرر من الرؤية التقليدية في التعامل مع اللغة
العربية بالتراث الشعري و النثري. فإذا كانت بواعث الإحياء موضوعية مرتبطة بالبحث
عن مخرج من وهاد التخلف التي آل إليها الأدب العربي عموما في عصور الانحطاط، فإن
بواعث الشعراء الوجدانيين ذاتية تهم اختيار أنسب الوسائل اللغوية للتعبير عن حقيقة
الذات و جوهرها دون تكلف أو تقليد.

4. موضوعة الحياة و الموت
:

اقتنع العديد من الشعراء العرب بأن موت الحضارة العربية ليس موتا
نهائيا، بل هو المرحلة الضرورية التي تسبق البعث و الانبعاث، و هو فاتحة لعصر جديد.
و قد وجدوا في الأساطير و الرموز الحضارية التي تعتبر أن الانبعاث يأتي بعد الموت (
أساطير: الفينيق أو عشتار أو الخضر...)، مجالا واسعا لتأكيد تصورهم ذاك، إلا أن
تعامل شعراء الحداثة مع هذا الموضوع تم بطرق مختلفة : ( أدونيس: التحول عبر الموت
)، ( خليل حاوي: معاناة الموت و الحياة )، ( السياب: الفداء في الموت )، ( البياتي:
جدلية اليأس و الأمل).

5. الشعر الحديث رؤيا :

يقدم مضمون الشعر العربي الحديث رؤى استشرافية متراوحة بين الأمل
واليأس حسب طبيعة الشعراء و خلفياتهم، و كيفية تفاعلهم مع الواقع . و قد دافع
المجاطي عن رؤيا شعراء الحداثة و رفض تحميلهم جزءاً من أسباب
النكبة.

و تبدو قضية الرؤيا مرتبطة بمدى تأثير القصيدة الحديثة على المتلقي
العربي، هذا التأثير الذي كان ضعيفا لأن الصلة بين هذا الشعر و القارئ العربي لم
تكن موصولة لدواعٍ سياسية و دينية و قومية.

6. الغموض في الشعر الحديث :
يرى المجاطي أن هذا الشعر ليس غامضا في ذاته، و أن مرد هذا الغموض
المفترض إلى تجديد شكل القصيدة و التغيير في نظامها الإيقاعي و تطوير صورها و كذا
توظيف الرموز و الأساطير و الانفتاح على الثقافة الإنسانية مع ما يتطلبه الأمر من
وجود قارئ مؤهل و ملم بهذه المرجعيات، إضافة إلى عدم تواصل الجماهير مع هذا الشعر
لأسباب دينية و سياسية و قومية. كل هذه الأسباب و غيرها أدى إلى الحكم علي هذا
الشعر بالغموض.

7. الشعر الحديث و الثورة
و الجماهير:

يعتقد المجاطي أن الثورية الموجودة في الشعر العربي الحديث كانت
واحدة من العوامل التي دفعت الحاكمين إلى التخوف منه، و العمل على خلق فجوة بينه
وبين الجماهير. يضاف إلى ذلك التخوف القومي و الديني الذي اعتبر أن هذا الشعر يعمل
على تحطيم المرتكزات الأساسية للأمة، و التخوفات السياسية المرتبطة بالخوف من
المضامين الثورية لهذا الشعر، المتماهية مع مفهوم الالتزام الذي ساعد في توجيه حركة
الحداثة الشعرية في بداياتها، و جعلها تبحث عن التفاعل مع القضايا العامة، و تبحث
عن مقومات تساعد على تطوير المكونات الفنية.

8. مقومات التطوير في القصيدة
الحديثة:

ينطلق تصور الكاتب من أن التجديد ينبغي أن يكون كليا، و إلا فإنه
ليس تجديداً. و لذلك نجده ينتصر للقصائد التي طورت المضامين و الأشكال و اللغة و
الصور، على حساب تلك التي جددت المضامين و اللغة و أهملت الجوانب
الأخرى.

لقد دافع المجاطي عن التطوير الشامل، لكنه ظل معتدلا في تناوله
لبعض الجوانب مثل :

·اللغة الشعريــة: التي أكد أنها لا ينبغي أن تكون
مماثلة للغة اليومية، لأن ذلك سيجعلها أكثر اقترابا من
السطحية.

·موسيقى الشعر: رفض المجاطي اعتبار الشعر الحديث ظاهرة عروضية ، و
أكد أن ما أصبح يتحكم في هذه الموسيقى هو الدفقة الشعورية التي توجه الجمل الشعرية
و الأسطر الشعرية و الأبيات.

·الصور البيانية: عرفت
تطورا مهما باعتمادها الرموز و الأساطير، و لم تعد مجرد صور جزئية متفرقة، بل غدت
صورا مرتبطة بالقصيدة كلها ، وبشعر الشاعر ككل.

القراءة الهيكلية الجهاز المفاهيمي المعتمد في
الكتاب

تـــقــديـــم:
تعتمد كل دراسة نقدية كل جهاز مفاهيمي يوظفه الكاتب في مقاربة
موضوعه ، و هذا الجهاز يتميز بوجود شكل من أشكال التطابق و الانسجام بين الموضوع
المدروس و الأدوات و الوسائل المنهجية المعتمدة.

و لأن الجهاز المفاهيمي
في كتاب " ظاهرة الشعر الحديث" للأستاذ أحمد المجاطي ، جهاز متشعب ، يستحيل جرد
كافة مفاهيمه، في مقاربة مثل هاته، فسنكتفي باستخراج المفاهيم المحورية و الأكثر
إفادة في دراسة الكتاب، و التي يمكن أن نذكر منها:

1. الشكل الجديد:
يقصد به الكاتب الحالة الجديدة التي أصبحت عليها القصيدة العربية
الحديثة إثر تغير مضامينها و محتوياتها، مما يثبت العلاقة الجدلية بين الشكل و
المضمون في الإبداع الأدبي ، فكلما تحول مجال اهتمام المضامين، و تغيرت طبيعة
القضايا الصادرة عنها، كلما تحول الشكل التعبيري و الصياغة الفنية و الجمالية التي
تعرض من خلالها هذه المضامين. و تتمثل المكونات البنائية التي مسها التحول و
التغيير في :

* لغة القصيدة. * صور القصيدة . * بناء القصيدة . *
موسيقى القصيدة.

2. الغربة /
الاغتراب:

يعتبر هذا المفهوم من أكثر المفاهيم تداولا في الكتابات التي تطرح
مشاكل المجتمع الحديث. و رغم تعدد و تباين تعاريف هذا المفهوم، فإن هناك عناصر
مشتركة بينها هي : الانسلاخ عن المجتمع/ العزلة أو الانعزال/ العجزعن التلاؤم /
الإخفاق في التكيف مع الأوضاع السائدة/ اللامبالاة/ عدم الشعور بالانتماء/ عدم
الشعور بمغزى الحياة .

إن الغربة التي أحس بها الشاعر الحديث ناتجة عن
إحساسه بأنه يعيش وسط أبناء جنسه غريبا عنهم، إنه اغتراب عن مجتمع انعدمت فيه القيم
. و الشاعر الحديث، إذ يشعر بالاغتراب عن منابع ذاته الحقيقية، يشعر في الوقت نفسه
بالخيبة و الألم ، فينمو لديه شعور حاد برفض النظام الذي يسير عليه العالم، وبرفض
نفاق العصر و مجتمع الحياد و اللامبالاة، مجتمع الأوهام و الحقائق المزيفة و العلم
الميت. و من تم يجد الشاعر نفسه عاجزا عن توكيد ذاته في الديمومة أو التاريخ . إنه
يتحرك في زمن جزئي متقطع يسحقه و يبعثره. لذلك فالشعر عنده يبقى خيمة مسكونة
بالحسرات، و فضاءً مملوءاً بالتجاويف و صدإِ الغيثِ.

3. اللاشعور الجمعي:
و
هو مفهوم صاغه كارل غوستاف يونغ، و يعني أن اللاشعور يستمد تجاربه من الموروث
الإنساني العام ، و ليس من تجارب الفرد الشخصية فقط. و هذا ما جعل الحديث عن هذا
المفهوم برتبط بالحديث عن الرموز التي كررها الإنسان في كل زمان و مكان، و شكلت
النماذج الأصلية التي كثيرا ما توجه السلوكات و التمثلات البشرية شأنها في ذلك شأن
الأساطير التي تشكل خلاصة التجربة البشرية عبر كل الأزمنة، لذلك لم يكن مستغربا أن
يجد القارئ تشابها بين مضامين الكثير من الأساطير و الرموز.

4. لغة الشعر:
مصطلح يطلق على اللغة التي تمنح الإبداع ما يميزه عن الكلام اليومي
و المتداول، فرغم أن المواد التي يعتمدها الشاعر هي نفسها التي يستعملها كل متكلم،
إلا أن الوظائف التي تؤديها لغة القصيدة تختلف عن غيرها. ذلك أن المواد الصوتية و
المعجمية و التركيبية و الدلالية توظف بطريقة تمنح للوظيفة الشعرية الأولوية على
غيرها من الوظائف الأخرى، وذلك بخلقها أثرا جماليا يجعلها منزاحة عن اللغة اليومية
أو اللغة العلمية أو غيرها من اللغات التي تبحث عن تواصل مباشر و
شفاف.

5. الرؤيا:
يقصد بشعر الرؤيا ذلك النمط من الإبداع الشعري القائم على إنتاج
نصوص بوعي مسبق يرفض محاكاة النماذج الشعرية السابقة، و يؤمن بأن الإبداع يقع خارج
المتداول و المألوف، و أنه ليس تصويرا للواقع، بل هو كشف جديد لعلاقاته الضمنية و
غير المباشرة، و أن الأشياء المادية و المحسوسة و المعيشة ليست سوى تفاصيل و جزئيات
يتجاوزها شاعر الرؤيا بتشييده لرؤياه التي تغوص في أعماق الحقائق غير المرئية
مستحضرة تجربة الذات في تفاعلها مع التجربة المجتمعية و الإنسانية و هو ما يفسر
توظيفه للرموز و الأساطير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 2:11 pm

ثلخيص رواية اللص والكلاب
القراءة التوجيهية:

تقديم :
لقد كثر الاهتمام في الآونة الأخيرة بالنصوص الموازية، أو ما يسمى بعتبات الكتابة،
في إطار نظرية التلقي التي تركز بالدرجة الأولى على الاهتمام بالمتلقي باعتباره أحد
الأركان الأساسية للحديث عن التلقي، فكما لا يمكن أن نتصور إبداعا بدون مؤلف، كذلك
لا يمكن تصور تلقي بدون وجود شخص يستهدفه المبدع بإبداعه، ولتسهيل عملية التلقي
هذه، ولتوجيه القارئ وجهة التلقي السليمة وفرت له نصوص موازية توازي النص الجوهر،
وظيفتها إعطاء فكرة مسبقة عن النص قبل الشروع في تلقيه، ومن بين هذه النصوص نذكر
اسم المؤلف، ونص العنوان، فما هي نقط تقاطع حياة نجيب محفوظ والعنوان" اللص
والكلاب" مع نص المؤلف؟

أ – اسم المؤلف نجيب محفوظ:
نجيب محفوظ كاتب
مصري معروف ولد سنة 1912م، بحي الجمالية في القاهرة وهي منطقة شعبية وصفها في
الكثير من رواياته، منها " خان خليلي" نشأ في أسرة متوسطة درس الفلسفة بكلية الآداب
وتخرج منها سنة 1934م ، وحصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1988م بسبب دوره الرائد في
ازدهار الفن الروائي العربي بصفة خاصة والعالمي بصفة عامة، وقد ترجمت قصصه ورواياته
إلى العديد من اللغات، ومن أشهر أعماله الروائية نذكر" همس الجنون، كفاح طيبة،
بداية ونهاية،قصر الشوك، ثرثرة فوق النيل،خمارة القط الأسود، حكاية بلا بداية
ونهاية،أولاد حارتنا......
و ما يهمنا أكتر في حياته هو أنه عايش ثورة مصر سنة
1952م واستوعب التحولات الاجتماعية والسياسية وأثرها على نفسية الشعب المصري،
والرواية قيد التحليل رواية واقعية ينتقد من خلالها نجيب محفوظ واقع مصر الجديد بعد
ثورة مصر 1952م.

ب – عنوان المؤلف" اللص والكلاب"
العنوان هو أول خطاب
لفظي يواجه القارئ، ويوجه أفق انتظاره للنص، بل يلخصه له في أحيان كثيرة، لذا كان
من البد أن نقف على عنوان المؤلف" اللص والكلاب" وقفة تجعلنا نقتحم النص بفرضيات
سنتأكد من صوابها.
يتألف عنوان النص تركيبيا من لفظتين هما "اللص" و"الكلاب"
بينهما حرف عطف الواو، الذي يؤكد وجود علاقة بينهما،أما دلاليا فتوحي لفظة اللص إلى
ذلك الشخص الخارج عن القانون والمستولي على ممتلكات الغير، والذي جرمته كل الديانات
السماوية وأصدرت ضده عقوبات متفاوتة، والذي يرمز خلافا للكلاب للخيانة والغدر،
بينما الكلاب ترمز للإخلاص والأمانة والوفاء لدرجة ربط الوفاء بهذا الحيوان الأليف
فهل يعكس لص الرواية وكلاب الرواية هذه الدلالات؟
إذا ما نحن حاولنا ربط العنوان
بأحداث الرواية أمكن لنا استنتاج أن لص العنوان هو سعيد مهران، لكن بصفات الوفاء
والإخلاص لأنه أخلص لمبادئ الثورة ،أما الكلاب فهي إشارة إلى كلاب إنسانية، مجسدة
في شخص كل من نبوية، وعليش، وسعيد مهران، لكن بصفات الغدر والخيانة، لأن كل هذه
الشخصيات قد مارست الغدر والخيانة في وجه سعيد مهران، الشيء الذي جعل أحداث الرواية
تميل إلى التراجيديا أو إلى دراما الروايات البوليسية.

2- القراءة
التحليلية:
أ- المنظور الأول: تتبع الحدث
* المتن الحكائي للرواية: تحكي
رواية اللص والكلاب حكاية مثقف بسيط يدعى سعيد مهران، دخل السجن وخرج منه في عيد
الثورة، بعد أن قضى فيه أربع سنوات غدرا ، دون أن يجد أحدا في انتظاره، ويقرر بعدها
الذهاب إلى منزل عليش لاسترجاع ابنته سناء وماله وكتبه، ويفشل في ذلك وتسود الدنيا
في وجهه أكثر عندما جفلت منه ابنته سناء ورفضت معانقته لأنها لا تعرفه ، وللتخفيف
من حدة الانفعال وإحياء لبعض ذكريات ماضيه قرر الاستقرار مؤقتا برباط علي الجنيدي،
الذي قضى عنده ليلته، ولكن روحانية المكان وطقوسه الخاصة وأجوبة علي الجنيدي العامة
والمغرقة في الروحانيات، جعلت سعيدا لا يرتاح كثيرا للإقامة بهذا المكان المليء
بالمنشدين والمريدين، لذلك قرر اللقاء بأستاذه رؤوف علوان ذلك الصحفي الناجح الذي
صار من الأغنياء قصد تشغيله معه في جريدة الزهرة، فاتجه بداية إلى مقر جريدة
الزهرة، ثم بعد ذلك نحو فيلته، وهناك سيفاجأ سعيد مهران بفكر جديد لرؤوف علوان يقدس
المال ولا يكترث للمبادئ والقيم النضالية ، كما سيفاجأ برغبته في إنهاء علاقته به
خاصة عندما رفض طلب تشغيله وأعطاه مبلغا من المال ليدير شؤون حياته بمفرده بعيدا
عنه، مما اضطر سعيد مهران إلى التفكير في الانتقام منه، فقرر العودة إلى فيلته في
تلك الليلة لسرقتها لكنه وجد رؤوف علوان في انتظاره لأنه عليم بأفكار تلميذه، فهدده
بالسجن واستعاد منه النقود وطرده من البيت، وخرج سعيد ليلتها مهزوما ومشاعر الحقد
والانتقام تغلي في دواخله، فلقد اكتمل عقد الخيانة وباكتماله تبدأ رحلة الانتقام،
وتسود الدنيا في وجهه ولا يجد ملاذا أفضل من مقهى المعلم طرزان، الذي لم يتردد لحظة
في إهدائه مسدسا سيكون له دور كبير في مسلسل الانتقام، وفي ذات المكان سيلتقي بنور
التي بدورها ولدافع حبها الشديد له مذ كان حارسا لعمارة الطلبة، ستوفر له المأوى
والطعام والشراب والجرائد والسيارة، ولما توفرت له شروط الانتقام" المسدس والسيارة"
ذهب مباشرة لقتل عليش في منزله لكنه أطلق النار على حسين شعبان الرجل البريء الذي
اكترى شقة عليش بعد رحيله، لكن سعيد مهران لم ينتبه لذلك ولم يعرف خطأه حتى اطلع
على الجرائد، وفي خضم هذه الأحداث استغلت جريدة الزهرة الأوضاع وبدأت بقلم رؤوف
علوان تبالغ في وصف جرائم سعيد مهران وتنعته بالمجرم الخطير الذي يقتل بدون وعي،
الشيء الذي سيشعل نار الغضب في قلب سعيد الذي سيقرر قتل رؤوف خاصة بعدما ساعدته نور
في الحصول على بذلة عسكرية، فيستهل انتقامه بالقبض على المعلم بياظة بهدف معرفة
الاقامة الجديدة لعليش ونبوية لكن دون جدوى فعاد إلى بيت نور ثم ارتدى بذلته
العسكرية، واستقل سيارة أجرة ثم اكترى قاربا صغيرا ليتجه صوب قصر رؤوف علوان ،
للانتقام منه وفور نزوله من سيارته أطلق سعيد مهران عليه النار لكن رصاصات الحراس
السريعة والكثيرة وإصابته بإحداها جعلته يخطئ هدفه، فأصاب بوابا بريئا بدل غريمه،
وأثناء اطلاعه على الجرائد التي أمدته بها نور تعرف على خطئه فشعر بندم شديد،
واسودت الدنيا في وجهه مع استمرار جريدة الزهرة في تحريض الرأي العام ضده ، إلى أن
انتهت حياته في مقبرة بعد أن حاصرته الشرطة وأطلقت عليه الرصاص من كل جانب فاستسلم
بلا مبالاة بلا مبالاة ، وحلت بالعالم حال من الغرابة والدهشة.

* الحبكة:
الحبكة هي النسيج الذي يرصد الأحداث في اتصالها وانفصالها واتجاهاتها، وتنقسم إلى
تقليدية تتوالى فيها الأحداث بشكل متسلسل، وأخرى مفككة لا تخضع لتسلسل منطقي، ويبدو
أن الحبكة المعتمدة في رواية اللص والكلاب، تقليدية بدليل قيامها على الأسباب
المؤدية إلى النتائج، فكل حدث فيها يؤدي إلى حدث آخر وهكذا تقوم الأحداث على مجموعة
من الأسباب ، فالخيانة التي تعرض لها سعيد دفعته للانتقام و اكتراء حسين شعبان
لمنزل عليش جعلت الرصاصة تصيبه، ووشاية عليش ونبوية جعلت سعيدا يدخل السجن....

* الرهان: ينقسم الرهان دائما إلى رهان المحتويات ويتأسس حول الشخصيات
والموضوعات المتنازع عليها، ورهان الخطاب ويتأسس على علاقة المؤلف مع المتلقي أو
علاقة النص مع المتلقي، وإذا عدنا إلى مثن اللص والكلاب وجدنا أن رهان المحتوى الذي
له علاقة بالشخصيات يتراوح بين الفشل والنجاح، فسعيد مهران يفشل في تحقيق رهانه
الكلي المتمثل في تحقيق مشروعه النضالي وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويتراجع عن هذا
الرهان إلى رهان آخر جزئي وهو الانتقام من خصومه دون أن يحققه، بخلاف غريمه رؤوف
علوان الذي استطاع تحقيق رهانه المتجسد في الحصول على الثروة وإن كانت الطريقة
وصولية انتهازية. أما رهان الخطاب أو النص ككل فيمكن حصرهفي كون المحاولات الفردية
لتغير الواقع مآلها الفشل، فلا يمكن لفرد مهما أوتي من ذكاء وعزيمة وإصرار أن يغير
واقع أمة مهما كان الواقع مأساويا وظالما، فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر
الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم.

* دلالات وأبعاد
الحدث: إن كل الإشارات التاريخية التي وردت داخل مؤلف اللص والكلاب، تشير إلى أن
الرواية لها علاقة بواقع مصر السياسي والاجتماعي لما بعد الثورة المصرية سنة1952م ،
ومن هذا المنطلق أمكن لنا أن نقول ومن خلال الأحداث التي وقعت لسعيد مهران والذي
وجد نفسه فجأة يعاني من تفكك أسري وحزبي، أن رواية اللص والكلاب رواية تستهدف
بأبعادها كشف واقع مصري يعاني معاناة اجتماعية ونفسية نتيجة السلوك الانتهازي لبعض
الأفراد الذين غيروا قناعاتهم النضالية ومواقفهم استجابة لمتغيرات نهاية مرحلة
الخمسينيات والستينيات ونتيجة لإرضاء مآربهم الشخصية، ودمروا بمواقفهم المتغيرة
أسرا كثيرة وحكموا على الشعب بشكل عام بالفقر والجوع والقلق الوجودي والروحي.
ب-
المنظور الثاني: تقويم القوى الفاعلة
1- جرد القوى الفاعلة: القوى الفاعلة لا
تنحصر في الشخصيات بل تشمل كذلك المؤسسات والأفكار والقيم والمشاعر، وكل ما يساهم
في تحريك الأحداث، وبالعودة إلى رواية اللص والكلاب أمكننا جرد القوى الفاعلة
كالتالي:
أ- الشخصيات: تنقسم شخصيات اللص والكلاب إلى رئيسية وثانوية وعابرة،
سنحاول تقديم خصائصها ومواصفاتها بالاعتماد على الجدول الثالي بدء بالرئيسية
وانتهاء بالعابرة.
الشخصيات
خصائصها وصفاتها
سعيد مهران
شاب مصري مثقف،
تحمل مسؤولية أسرته منذ الصغر، توفي أبوه وبعده أمه، مؤمن بمبادئ المساواة والعدل
والكرامة والإنصاف، مناصر للمظلومين والكادحين، ناضل من أجل تحقيق مبادئ الاشتراكية
على الواقع،حريص على الانتقام من نبوية وعليش اللذان غدرا به وأدخلاه السجن،ومن
رؤوف الذي تنكر لمبادئ الحزب والنضال، يعاني من فراغ روحي وقلق وجودي وغربة وضياع،
أسير الحقد والكره والانتقام.رمز للكادحين والفقراء المناضلين من أجل
القيم.

رؤوف علوان
طالب قروي، مناضل مؤمن بالتغير، له قدرة على التأثير
بأسلوبه في محاوريه، أكمل دراسته ثم تحول إلى صحفي ناجح، انتهز الظروف السياسية
الجديدة فتحول إلى قلم برجوازي مأجور، تنكر لأصوله الكادحة،ولطبقته،متطلع بشغف
لحياة الارستقراطية،أكلا وملبسا ومسكنا، يشوه الحقائق ويكلب الرأي العام ضد سعيد
ويصوره مجرما خطيرا. رمز للبرجوازية القاسية على الفقراء.

عليش
غريم سعيد
مهران – المستفيد من سجنه والمستولي على زوجته وابنته وجميع ممتلكاته – متحايل كبير
– انتهازي خائف على مصيره الشخصي ومتخذ لجميع الاحتياطات حتى لا ينال منه خصمه سعيد
مهران.رمز لخيانة الصداقة.
الشيخ علي الجنيدي
زاهد متصوف، له انشغالات روحية
بعيدة عن الواقع المعيش، يحاول تبرير الواقع بالغيبيات لأنه مستفيد من الوضع
السياسي السائد – يشكل نوعا من الاطمئنان النفسي والروحي لسعيد مهران – يلجأ إليه
دائما وقت الشدة . رمز للتصوف والفكر الديني.
نـــــــــور
عنصر مساعد
للشخصية الرئيسة سعيد مهران – مومس – قست عليها الحياة الاجتماعية – متوسطة الجمال
– مستسلمة لرغبات الزبناء – مغرمة بسعيد مهران وترغب في زواجه – وفرت له الطعام
والمسكن والجرائد والسيارة . رمز للإباحية والقيم المفقودة.
المعلم
طرزان
صاحب مقهى – صديق سعيد، وفر له المسدس وأمده بمعلومات هامة ساعدته على
الاختفاء عن أنظار الشرطة.رمز للصداقة الصادقة.

نبوية
زوجة سعيد
السابقة، وأم سناء أحبها سعيد بصدق وظل يحلم بالاستقرار الدائم إلى جوارها مع ابنته
سناء بعد خروجه من السجن،لكنها تنكرت له وارتبطت بعليش. رمز للخيانة الزوجية.

سناء
موضوع صراع بين الأب الطبيعي سعيد مهران و زوج الأم والمحتضن عليش، لم
تتعرف على أبيها، تبدو خائفة مضطربة أثناء اللقاء الذي جمعها بابيها الحقيقي سعيد
مهران. رمز للبراءة المغتصبة.
المعلم بياضة
زميل سابق لسعيد وصديق وشريك
عليش، خان صديقه الأول، وكاد أن يؤدي ثمن هذه الخيانة أثناء لقائه بسعيد مهران
الباحث عن المكان الجديد الذي استقر به عليش.


ب - المؤسسات: في الرواية
عدة مؤسسات فاعلة في أحداث الرواية ومؤثرة على شخصياتها نذكر منها على سبيل المثال
لا الحصر : السجن باعتباره أول مكان يؤطر فضاء الرواية، أثناء تواجده به حصلت
الخيانة، وتحققت أهداف الانتهازيين، وهناك الصحافة التي أثرت في جهاز الشرطة والرأي
العام المنقسم إلى معارض أو مناصر لسعيد مهران، ثم هناك المدرسة والجامعة التي شكلت
نعمة لرؤوف علوان ومصدر وعي شقي لسعيد مهران.
ج- الجمادات : متنوعة بين الحارة
والمقهى ومنزل نور و فيلا رؤوف علوان والجبل والمقبرة والشوارع وعمارة سكن الطلبة
ورباط الجنيدي، والتي تركت آثارها القوية أو الضعيفة في نفسيات شخصيات الرواية، فهي
تحتضن الذكريات حلوها ومرها، لذلك تم استرجاعها أحيانا، أو محاولة تناسيها كما هو
الشأن بالنسبة لرؤوف علوان و عليش المتنقل من منزل لآخر خوفا على حياته من انتقام
سعيد مهران.
د- القيم والمشاعر: تتنوع هذه القيم والمشاعر بين القناعة
والاستسلام للأمر الواقع ويمثلها علي الجنيدي، والانحراف والخروج عن القوانين،
ويتجسد ذلك في شخصية المومس نور والمتاجرين في الممنوعات من ذوي السوابق كطرزان
وغيره، ثم الرغبة في الغنى والثراء على حساب القيم الأصلية والانتماء الطبقي، ويبرز
ذلك جليا في التسلط الطبقي لرؤوف علوان، في مقابل الالتزام الإيديولوجي والإيمان
الصادق بالعنف الثوري المجسد في شخصية سعيد مهران، أما عليش فيمثل أعلى درجات
الشخصية الانتهازية التي لم تكتف بسرقة أموال الصديق بل ا استولت على زوجته وابنته
وكل ممتلكاته، مما جعل مسألة الانتقام منه ونبوية تحتل مركز الاهتمام لدى سعيد
مهران.
ولعل أهم الشخصيات التي عاشت عدة مشاعر متناقصة ومتضاربة وجارفة هي شخصية
سعيد مهران، لأنه عاش خيانة مزدوجة، الأولى اجتماعية من زوجته وصديقه عليش،
والثانية إيديولوجية ثقافية من طرف أستاذه وموجهه رؤوف علوان، مما جعله يحس
بالمهانة والخزي والعار أمام أسرته وأصدقائه وذاته، فقرر الانتقام من جميع
الخونة.
وهكذا يظل جرد القوى الفاعلة – شخصية كانت أو مؤسسات أو جمادات أو
حيوانات أو قيما ومشاعر – الحاملة لحركة الفعل التي تمارسها الشخصيات في الرواية
أساسية ومهمة في التحليل، لأنها تساهم بطريقة ما من الطرق في الحدث.

ج
الكشف عن البعد النفسي:
إن قراءتنا لرواية اللص والكلاب من المنظور النفسي،
تنتهي بنا إلى إدراك ما تخفيه الشخصيات من مشاعر وأحاسيس وعواطف متوترة، نستنتج
منها عمق الأزمة الإنسانية النفسية التي يعاني منها المجتمع المصري والعربي في
خمسينيات وستينيات القرن20، الذي قدر عليه أن يعيش في زمن غريب لا يأنس له ولا يشعر
معه بالاطمئنان ، إن مؤلف اللص والكلاب بهذا المعنى رواية واقعية نقدية رمزية تكشف
عن الحالة النفسية للمجتمع من خلال التعمق في شخصية سعيد مهران الذي تعرض لخيانات
اجتماعية وسياسية خلقت منه نموذجا بشريا دائم القلق والحيرة ، فمن يكون سعيد مهران
نفسيا؟ وما علاقته بالإنسان العربي؟
لقد قدمت رواية اللص والكلاب شخصية سعيد
مهران ذلك الشاب الفقير الذي تعرض لأنواع من الحرمان والقهر بمواصفات نفسية جعلت
منه نموذجا إنسانيا عربيا يعاني من توتر نفسي وعاطفي وقلق وغربة سواء تجاه من
خانوه" نبوية، عليش، رؤوف" أو أحبوه" نور، طرزان، فئة الفقراء" أو إزاء الزمن
الماضي والحاضر والمستقبل،فعن طريق استرجاع شريط الألم " وفاة والده، أمه، خيانة
الزوجة الصديق، الأستاذ،" نفهم سر جنون سعيد مهران، فجنونه أزمة نفسية ولدها
الإنسان الذي خان شعبه وتنكر للمبادئ، وأزمة ولدها الصديق الذي خان الصداقة،
وولدتها الزوجة التي نسيت الوفاء...، لذلك لا غرابة أن يعيش سعيد مهران فراغا
عاطفيا، وروحانيا، وغربة، وضياعا، وقلقا، وتوترا، وهذه صورة مصغرة لأسر كثيرة تشارك
سعيد هذه المعاناة سواء كان تواجدها داخل أم خارج المؤلف.
وهي أزمة نفسية ألقت
بثقلها على العلاقات العاطفية بين الأفراد، بحيث أصبحت أكثر مأساوية، فعلاقات الحب
التي يمثلها في المؤلف حب سعيد لابنته وحب نور لسعيد، تتراجع لتفسح المجال للكراهية
والحقد، فتكون النتيجة قتل ومطاردة ورغبة في الانتقام، كما أن علاقة الوفاء التي
يجسدها في المؤلف وفاء طرزان و نور لسعيد ، قد تراجعت بدورها لتحل محلها الخيانة
بأبعادها الاجتماعية والسياسية. بل حتى العلاقة الروحانية بين الإنسان وربه تأثرت
في وسط هذا المجتمع المادي ودليل ذلك علاقة سعيد برباط علي الجنيدي.
هكذا يبدو
العالم النفسي كئيبا وما يزيد من كآبته حضور تيمات الظلم والكره والخيانة، خيانة
وظلم وكره أقرب وأعز الناس إليك أو من كان من المفروض أن يحبوا، وتيمة الحب كذلك
لكن بوجه جديد يسبب لصاحبه الأحزان أكثر من الأفراح، حب سعيد لسناء الجريح، وحب نور
لسعيد الذي فات زمنه.

هكذا يبدو واضحا بأن نجيب محفوظ قد تعمد التركيز على
نفسية بطل هذه الرواية لغاية كشف التحولات الصعبة التي يعيشها الإنسان المصري
والعربي وتداعياتها على نفسية الفرد خاصة الفقير الكادح.
د المنظور
الاجتماعي:
اشتهر نجيب محفوظ في مجمل رواياته، بتصوير الواقع المصري الاجتماعي
تصويرا تظهر من خلاله الصورة الحقيقية للبنية الاجتماعية المصرية، كما تبدو من
خلاله معاناة الإنسان المصري الاجتماعية، فما هي طبيعة المجتمع الذي تتحدث عنه
رواية اللص والكلاب؟
تصور رواية اللص والكلاب واقعيا اجتماعيا متناقضا أفرزته
التحولات السياسية في خمسينيات القرن20 تختصره فئتان، فئة الأغنياء التي يمثلها
رؤوف علوان والتي تمتلك كل شيء، وفئة الفقراء التي يمثلها سعيد مهران والتي تفتقر
لأبسط متطلبات العيش الكريم، وهو تناقض اجتماعي سيؤدي إلى ظهور أمراض اجتماعية
خطيرة، كالسرقة التي اعتبرها سعيد مهران وسيلة لإعادة حق الفقراء، فمن السارق ومن
المسروق؟، والمتاجرة في المخدرات والذي يمارس ذلك هو المعلم طرزان، ناهيك عن
الدعارة التي تمارسها نور، ولا تتوقف تداعيات هذا التناقض في ظهور أمراض اجتماعية
فقط، بل في ممارسات أخرى أكتر تعقيدا كالخيانة والنفاق والانتهازية التي ذهب ضحيتها
سعيد مهران.
هكذا يبدو واضحا أن رواية اللص والكلاب رواية نقدية تنتقد وبشدة
الواقع الاجتماعي الذي أفرزته الثورة والذي عمق من معاناة الطبقة الفقيرة وزاد من
همومها إلى درجة أن أسرا كثيرة قد تفككت علاقاتها نتيجة الفقر والحاجة، واضطرت إلى
بيع شرفها ومبادئها أو النضال من أجل تحققها إلى آخر أنفاس الحياة، فمن يتحمل
مسؤولية هذا الواقع الجديد؟
ه- منظور البعد الأسلوبي: يتميز أسلوب نجيب محفوظ في
رواية اللص والكلاب بالاقتراب من لغة البساطة والوضوح والدقة في الوصف دونما اهتمام
بالمحسنات البديعية، مراعاة للغة العصر التي تأثرت بلغة الصحافة والطباعة
وبالمثاقفة، كما تقترب من لغة الحياة اليومية من خلال اعتماد لغة حية لها علاقة
بالشارع المصري، بهذا يؤسس نجيب محفوظ لتجربة جديدة تمزج بين اللغة العربية الفصحى
واللغة العامية في محاولة لصبر أغوار الإنسان العربي وكشف همومه النفسية
والاجتماعية، كما تتميز لغة الرواية بتداخل خيوط السرد، الذي يتداخل فيه صوت الكاتب
بصوت السارد والشخصية، الشيء الذي يؤكد بأن الكاتب قد سرد الأحداث بالاعتماد على
وضعيات سردية متعددة، من أجل الإحاطة بهموم الشخصية من كل جوانبها، كما تتميز اللغة
كذلك باعتماد حقول معجمية كثيرة " حقل الحرية، حقل الموت، حقل الدين، حقل الجسد،
حقل السجن، ...." وباعتماد لغة الوصف " وصف الشخصيات، الأماكن.." واعتماد الحوار
بنوعيه الخارجي والداخلي .
القراءة التركيبية:

لقد بات واضحا أن رواية
اللص والكلاب لنجيب محفوظ، رواية واقعية نقدية تشخص بعمق مشاكل الفرد في مجتمع
تلاشت فيه القيم النبيلة، وساده الظلم والفساد. هذه الرؤية المأساوية التي يعبر
عنها نجيب محفوظ في هذه الرواية، تستخلص من خلال مسار البطل الفردي. ولاشك أن
الإصغاء لمشاكله ولمعاناته مع الذين خانوه، يعكس بالملموس أزمته الداخلية، وهي أزمة
تخلع عليه سمة البطل الإشكالي، الذي يطمح إلى غرس القيم الجميلة في مجتمع يفتقد لكل
مظاهر القيم والمبادئ، وهذا ما يفسر تركيز الرواية على شخصية البطل في حين تحضر
الشخصيات الأخرى في علاقاتها بشخصية البطل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
خالد العثماني
مراقب
مراقب
خالد العثماني


ذكر
عدد الرسائل : 707
العمر : 38
مدينتي : فاس
مهنتي : النت
هوايتي : الشعر
تاريخ التسجيل : 01/07/2007

العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )   العربية و مناهجها  ( الثانية باك أدب ) Emptyالجمعة ديسمبر 18, 2009 2:13 pm

اللص والكلاب قراءة أولية

الفن الروائي :
هل تعتبر الأشكال السردية الحكائية القديمة أنماطا روائية تراثية
بمقياسنا العربي الأصيل، لا بمفاهيم الرواية الأوربية الحديثة ؟ هذا سؤال مؤجل ،
إنما تجدر الإشارة إليه للتأكيد على أن السرد ليس غربي الجنسية بالضرورة، بل يمكن
تلمس كثير من خصوصيات السرد المعاصر في خطابات الحكي العربي في العصر الوسيط خاصة ،
سواء في الشرق أو في الغرب العربي.( كليلة ودمنة ، ألف ليلة وليلة، حي بن يقظان، ،
ورسالة الغفران).
ولعل اختلال توازن العلاقة بين قوة وضعف، بين ريادة وتبعية ،
على المستوى السياسي والاقتصادي والعلمي ، كانت وراء تنامي الإحساس بالانفصال عن
التراث الأدبي والفني القديم ، بما يشكله من مصدر إبداعي و إشعاع ثقافي مرتبط
بالهوية والذات ، ومعبر عن الرؤية للعالم والوجود، فحدثت القطيعة الإبداعية
والانفصام على مستوى التخييل الحكائي والإبداع السردي.
إلا أن الرواية كفن أدبي
، ما زالت حتى في الغرب نفسه ، تثير خلافات حول تعريفها ، تطورت أكثر مع ظهور
نظريات التجنيس الأدبي والتي وصل بعضها إلى إلغاء الحدود بين أشكال النثر الفني ،
بل وبين النثري و الشعري أحيانا ، فعادت إلى الواجهة أبسط تعريفاتها ، والتي ظلت
تعتبرها عملا أدبيا نثريا ، يستسيغ تقديم صورة دينامية للعلاقات الإنسانية
المتشابكة داخل مجتمع ما ، في اتجاه تمثيل الواقع الحقيقي أو المتخيل ، عبر مرآة
تفسر ذلك الواقع بقدر ما ترسم ملامح آفاقه ، بعد رصد مختلف مظاهره والنفاذ إلى
الخفي من العوامل المتحكمة في وجوده ، بحثا عن الارتقاء بالصراع إلى مستوى التعبير
عن حاجات وضرورات التواؤم والتناسب مع الذات والظروف ، من منظور المؤلف الروائي و
رؤيته للعالم.
ثمة إجماع أولي على ربط البداية السردية باللغة العربية ، بأوائل
القرن العشرين، مع رواية" زينب" لمحمد حسين هيكل، ذلك أنها شكلت في بنيتها الفنية و
المضمونية ، امتدادا للرواية التاريخية والرومانسية والواقعية ، كما قدمها الرواد
من فلوبير و زولا و بلزاك و دويستفسكي. قبل أن تظهر أعمال قصصية وروائية، متأثرة
بالرؤية الغربية للسرد ، ومنشغلة بتياراتها الفنية المرتبطة أساسا بتطور الوعي
وتغير المجتمع الأوروبي أو الأمريكي، وما عرفه العالم من تحولات منذ الحرب العالمية
الأولى .
وقد تنوعت الكتابات السردية باللغة العربية من المحيط إلى الخليج ،
متفاعلة مع ظروفها الموضوعية اجتماعيا وسياسيا ، ومتأثرة بما تحقق لديها من تحصيل
معرفي وثقافي ، بمناهج ومعارف تفاعلت معها المجتمعات العربية بين مد و جزر، بين مد
فيه رهن الجهود الروائية بالانفتاح المطلق والتبعية في التقليد للأنماط الأوربية
خاصة ، وجزر فيه حرص على تفادي الوقوع في الاغتراب الفني بعد الاستلاب الفكري
والحضاري ، وذلك بمحاولة خلق صيغ تعبيرية حكائية تنسجم مع الحاجات وتستجيب للتطلعات
دون انفصال عن الذات والهوية ، أو قطيعة مع الغرب في بعده الإشعاعي .
وقد يكون
نجيب محفوظ، أكثر الروائيين العرب تمثلا لهذا المسار التطوري في العلاقة السردية
بين مختلف مراحل التجربة الروائية العربية . لكونه ابتدأ تاريخيا وانتهى تراثيا ،
بعدما مر بمراحل روائية ، تعكس وعيه الفني بالشكل القصصي الذي كان يبحث عنه أو
يراهن عليه ، على مدى خمسة وتسعين عاما من عمره (1911 - 2006)، وفي هذا الصدد يؤكد
جورج طرابيشي أن أعمال نجيب محفوظ ينطبق عليها بشكل خاص، قانون التطور المتفاوت
والمركب، فقد بدأ بالرواية التاريخية في "كفاح طيبة" و"رادوبيس" وغيرها، وانتقل إلى
الرواية الواقعية متوجا ذلك بالثلاثية ، ثم بدأ انطلاقا من "اللص والكلاب" يطور
أشكالا أخرى وصولا إلى توظيف التراث في الرواية.
ولد محفوظ عام 1911 في القاهرة
وتخرج من جامعتها في شعبة الفلسفة، فعاصر تبعات التحولات السياسية التي شهدها
المجتمع المصري ، بحثا عن الحرية في مواجهة أشكال النفي والتهميش ، سواء مثلها
الاستعمار الأجنبي أو جسدتها السلطة المحلية ، وقد وجد في الكتابة السردية أداة
للتعبير عن مواقفه ، من خلال التفنن في تصوير الحياة العامة بمختلف طبقاتها
الاجتماعية والاقتصادية، وتنوع انتماءاتها الفكرية والدينية والسياسية ، دون أن
يعني ذلك انفصاله عما ظل يشغله من هموم وجودية كونية ذات بعد إنساني ، تمثلت خاصة
في استدراج القارئ العربي إلى قضايا فلسفية تلامس السؤال الميتافزيقي ، مستفيدا في
تشكيل نصوصه القصصية والروائية ، من الاتجاهات الروائية الغربية المعاصرة ، و خاصة
منها ما كان يتصل باهتماماته التاريخية و الواقعية والنفسية.
وبعد رحلة استغرقت
حوالي ستين عاما من الكتابة الإبداعية السردية ، توجت بالحصول على جائزة نوبل
للآداب عام 1988 ، توفي فجر يوم 31/ 8 /2006 في القاهرة ، عن عمر يناهز 95
عاما.
السياق الروائي :
يصنف النقاد رواية ''اللص والكلاب '' ضمن تجربة نجيب
محفوظ الدرامية أو ما يصطلح عليه عامة بالواقعية الجديدة و قد وجد البعض في هذه
المرحلة ما يمكن اعتباره نصوصا روائية ذات عمق فلسفي ، بعدما بدأت تظهر بوضوح ملامح
البطل الإشكالي ، وهو يواجه الواقع بوعيه الشقي متأرجحا بين إكراهات الواقع و أحلام
التحول والتغيير من منطلقات مثالية شكلت فيها المعرفة مصدر عذابه وشقائه ، بدءاً من
'' أولاد حارتنا '' التي ظلت ممنوعة التداول في مصر لزمن قريب ، إلى ''ثرثرة فوق
النيل''، سنة 1966 ، مروراً بــ ''اللص والكلاب'' سنة 1961؛ و''السمان''
و''الخريف''، سنة 1962؛ و'' الطريق''، سنة 1964؛ و''الشحاذ''، سنة 1965.
وقد
ارتبط ظهور رواية ''اللص والكلاب ''، بالتحولات التي عاشها المجتمع المصري في أعقاب
ثورة الضبط الأحرار على الملكية ، إذ رصدت الواقع النفسي للفرد ، بين الثبات على
القيم والتحول عنها إلى بدائل ذهنية و سلوكية ذهنية ، تطبعها الانتهازية وسيادة
المكر والخديعة ، بين أقرب الناس بعضهم البعض ، وقد تحرك الصراع المحموم من أجل
بلوغ أهداف شخصية ضيقة ، في تناقض تام مع مبادئ الثورة و وعودها بإعادة التوازن
لحياة المجتمع اقتصاديا وسياسيا ،الشيء الذي سيفسح المجال لبروز قوى فاعلة تمثل
مختلف تلك التناقضات ، من مواقع انتماءاتها الاجتماعية والفكرية ، كي تعبر عن نفسها
بمنطق الممارسة الفردية ، كانعكاس مباشر أو غير مباشر، لفشل الثورة في تمثل أحلام
الناس البسطاء وتطلعاتهم ، فما زالت صورة الغنى الفاحش بموازاة الفقر الفاحش، وما
زالت ملامح العوالم السفلية للمجتمع ، تعيش مرارة الطبقية، فتلجأ إلى اللصوصية
لاسترداد حقوقها أو إلى الدعارة لتحقيق حاجاتها ، بينما تبقى الطبقة التي تستغل
أمثال ''سعيد مهران'' أو تستنزف ''نور'' ، هي نفسها التي كانت مدعاة للتغيير في
النظام السياسي بحثا عن توازن النظام الاجتماعي والاقتصادي .
و يمثل نجيب محفوظ
ظاهرة متميزة على المستوى الروائي العربي ، بما وفّره لنصوصه السردية من عمق في
الوصف والتحليل للواقع والشخصيات ، تجاوز الغوص في عرض تفاصيل معاناة المجتمع
المصري المادية والسيكولوجية ، إلى رسم معالم المعاناة الإنسانية في بعدها الوجودي
، حين تكون المأساة ناجمة عن صراع غير متكافئ بين قوى دافعة وأخرى مانعة ، تحول دون
التطور الطبيعي للتعبير عن الإرادة الإنسانية فرديا وجماعيا ، تماما كما وقع مع
سعيد مهران في اللص والكلاب .
قد تبدو الرواية ممعنة في كلاسيكية بنائها الفني ،
من حيث قيامها على المكونات التقليدية في السرد الواقعي ، لكنها لا تبدو حريصة على
احترامها لهرمية البناء الثلاثي الأبعاد من بداية وعقدة وحل ، وذلك بانطلاقها من
نقطة في الزمان تبحث عن التطور إلى الأمام ، مع ما يستدعيه ذلك من استرجاعات تضيء
مسار تنامي الأحداث ، وتغني المعرفة بتكوين الشخصيات الاجتماعي والبيئي والاقتصادي
، اعتمادا على الحوارات الداخلية وما يكشف عنه تيار الوعي ، باعتباره تمثلات ذهنية
للقوى الفاعلة ، قد تكون معبرة في كثير من الأحيان عن رؤية السارد / المؤلف
.
ولعل ذلك ما يجعل القارئ أكثر ميلا إلى عدم الاطمئنان لتلك التصنيفات النقدية
التي وضعت الرواية في خانة الرواية الواقعية تارة والرواية الفلسفية تارة أخرى، إلا
إذا كان ذلك مرتبطا بالطابع التحليلي الذي يطغى عليها ، سواء على مستوى الأحداث أو
على مستوى الشخصيات ، بتوقفها عند كثير من التفاصيل الجزئية للبنية النفسية المتصلة
بتكوين و تركيب الشخصية وما تعيشه من انفعالات تتحكم في مسار الصراع داخل الرواية .

الرواية :
العنوان :
يقدم عنوان '' اللص والكلاب '' إمكانيات غنية
بالتساؤلات حول الدلالات والإحاءات التي يمكن أن يحيل عليها التركيب الاسمي ،
بمفردتيها ''اللص'' و ''الكلاب'' ، ولعل أول تساؤل يستثير القارئ: علاقة عطف الجمع
الواوي في الجملة بين اسمين ، أحدهما مرتبط بالإنسان و الآخر بالحيوان ، مما يمكن
أن يوهم بحقيقتهما المعجمية في ذهن المتلقي ، فيجد نفسه أمام فرضية للقراءة محدودة
الأفق في ضوء ما يحيل عليه المكونان، من منطلق تصور اشتغال الرواية على حدث أو
أحداث واقعية وثيقة الصلة بعالم السرقة والمطاردة .
وقد يجد نفس القارئ حاجة
لاستعراض ما يتصل باللص من صفات لها علاقة بالجريمة ، دون نفي إمكانية التفكير في
الظروف الواردة ، كأسباب للفعل في الواقع ، على اعتبار أن اللص في النهاية قد لا
يكون دائما موضوع إدانة ، إن كانت ثمة دوافع موضوعية كالحاجة و الضرورة ، في مجتمع
يدفع إلى جنحة اللصوصية تحت الإكراه ، خاصة وأن اللص بصيغة المفرد ، قد يصدر في
فعله عن موقف شخصي يعكس ذاته ، دون صيغة الجمع التي يمكن أن توحي بالعمل المنظم ذي
الطبيعة الاحترافية ، وبنفس التأمل في دلالة المكون الثاني من العنوان '' الكلاب ''
، يمكن أن يستحضر ما يتصل بهذا الحيوان الصديق التاريخي للإنسان، من صفات الوفاء و
الصدق في الملازمة ، لدرجة التضحية من أجل صاحبه في مواجهة ما يتهدده ماديا من طرف
الغير، لينتهي إلى حاجته لقراءة المتن الروائي ، كي يحدد للمكونين دلالتهما
المقصودة في رؤية الكاتب ، في ضوء ما راهن عليه بتأليفه للرواية .
المتن
الحكائي :
حين خرج سعيد مهران من السجن ، بعد أربع سنوات مستبقا نهاية الحكم
المقرر بعام نتيجة حسن سيرته ، اكتشف متأخرا أن سبب معاناته ، إنما كان تآمر زوجته
نبوية مع صديقه عليش عليه، فبعد التنسيق مع عشيقها ، جاءت نبوية التي كانت تعمل في
البيت موضوع السرقة ، بخبر كاذب عن سفر سكانه ، صدقها زوجها سعيد مهران ، وراح
للتنفيذ ، كي يلقى عليه القبض بعد التبليغ عنه من طرف صديقه ، ومن هنا بدأت
المعاناة مع الخيانة ومكابدة التفكير في الثأر والانتقام ، ممن سيشكلون أمامه
الصورة الأولى للكلاب بالمعنى القدحي، لما يمثلونه من خداع ومكر وضرب لأعمق القيم
التي لا يمكن أن يتنازل عنها حتى اللص في مستوى سعيد مهران ، و مما يزيد في عمق
الجرح ، عجزه عن التواصل مع ابنته '' سناء'' التي أنكرته ببراءة ورفضت حتى مصافحته
في لقاء بالبيت القديم، مشحون بالانفعالات في حضور الغفير وبعض الجيران. تتأكد لديه
، فلا يجد وجهة غير الشيخ الجنيدي صديق أبيه ، يكاشفه بحزن الصدمة ، قبل البحث عن
اسم كان يعرفه أيام العمل ببيت الطلبة ، توصل إلى أنه صار محررا في جريدة ، يتذكر
جيدا كيف كان رؤوف علوان ، مدافعا عنه لتبرئته من تهمة سرقة الساعة ، رغم أن سعيد
اعترف له بظروف حاجته إليها ، بل يتذكر بالتفصيل ، ما أقنعه به لتبرير ما أقدم عليه
من فعل السرقة ، ما دام الأمر يتعلق باسترجاع حق الفقراء من أيدي الأغنياء ، لقد
كان رؤوف علوان مرجع سعيد مهران في الوعي الذي تشكل لديه فأصبح لصا ، لكنه ليس
كسائر اللصوص''الحرامية''. بعد الفشل في لقائه بالجريدة ، يذهب سعيد مهران إلى
السؤال عن صديقه في بيته ، يفاجأ بالنعيم الذي يعيش فيه ، كما يفاجأ بالتحول في
شخصيته ، فالرجل ما عاد نفس الرجل الذي يحمل قيم الدفاع عن الكادحين ، وأمام الصدمة
، وبعد الخروج مهزوما بيده عشر جنيهات كأنها صدقة من رؤوف علوان ، تحركت في أعماق
سعيد مهران مشاعر الغضب عليه , وتحولت لرغبة في الانتقام منه ، لكنه بعد انتظار
الليل للعودة إلى بيته كي يسرقه ، سيجده له بالمرصاد ، فلا يسلمه للشرطة بعد
استعطافه ، لكنه يزيد من تعميق جرحه بالإهابة والاحتقار ، مما سيولد لدى سعيد مهران
، حقدا جديدا على الواقع ، تجسده خيانة من مستوى آخر ، لكنه لا يختلف من حيث
التأثير النفسي ، عن خيانة زوجته نبوية وصديقه عليش، لتبدأ رحلة السجن الكبير في
واقع تحكمه خيانة القيم الاجتماعية والفكرية، حيث الضحية في النهاية ، هذا الإنسان
البسيط الذي صدق زوجته وصديقه كما صدق وآمن برؤوف علوان . من هذه الوضعية تحديدا ،
يبدأ التحول، إنها حالة مكتملة عناصر التحرك نحو الفعل ، بعدما تحققت فيها شروط
الصراع في مواجهة إكراهات الظروف ، باتخاذ سعيد مهران موقع الذات إزاء موقع الموضوع
الذي يمثله الواقع ،و بينما تشكل المرسِل من مجموع الدوافع المحركة للذات ، أصبح
المرسَل إليه هو الرهان الذي يغامر فيه من أجل شرفه بتطهير الواقع / الموضوع ، أما
ما يتصل بالذات من الأسباب المساعدة أو المعارضة ، لبلوغ وضعية النهاية مع التحول ،
بعد وضعية البداية مع الحالة، فيكفي تتبع التفاصيل التي وظفها الكاتب على امتداد
رحلة سعيد مهران من السجن إلى القبر، بين إصرار '' نور '' على انتشاله من الرغبة في
الاستمرار ، بالعمل على الاستجابة لحاجاته وتوفير ما تعجز عنه سعيا لإرضائه ، وبين
إصرار رؤوف علوان على التخلص من وجوده ، بالعمل على محاصرته ومطاردته ، بالبحث عن
كل ما يسهل الإسراع بنفيه وموته .
يبحث سعيد مهران عن مسدس للدخول في مغامرة
استعادة الحق في الحياة ، ممن سلبوه كيانه وكينونته، يلجأ أولا إلى البيت الذي
يحتله الخائنان العشيقان ، يطرق الباب ، وما أن يستوى خيال الرجل المستعد لفتحه ،
حتى يطلق سعيد مهران عيارات عليه ، ليكتشف بعد ذلك ، أنه قد قتل بريئا ، بعدما رحلت
نبوية وابنتها مع زوجها الجديد إلى بيت آخر ، ولم يكن القتيل الضحية سوى الساكن
الجديد لنفس البيت . يتجه سعيد مهران للانتقام هذه المرة من رؤوف علوان باغتياله ،
لكنه يخطئ الهدف، إذ تبين أنه قد أطلق الرصاص على بواب رؤوف علوان فأرداه قتيلا،
وتبدأ مطاردة الشرطة لسعيد مهران ، بعد إحكام الطوق عليه بتواطؤ علوان مع الأمن ،
والذي توصل إلى عنوان نور من وصفة طبية كان سعيد مهران قد قدمها للصيدلي من أجل
دواء لمغص مزمن تعاني منه نور، يضيق الخناق عليه فيتجه الى الشيخ ، لكنه يضطر
لمتابعة فراره حتى آخر رمق، رافضا الاستسلام لنداءات الشرطة و توسلات ''نور''،

( وفي جنون صرخ : - ياكلاب ! و واصل إطلاق النار في جميع الجهات )
وما أن
يظهر مشهرا سلاحه في الساحة تحت الأضواء الكاشفة ،حتى ينهال عليه وابل من الرصاص
لينتهي قتيلا ، بينما بقيت'' نبوية'' مع عشيقها ''عليش سدرة''، ويبقى ''رؤوف
علوان'' في خلفية الصورة يستمر في الحياة .
القوى الفاعلة : تستثير القارئ
ظاهرة المقابلة بين شخصيات الرواية ، انسجاما مع تقابل التيمات المهيمنة على
دلالاتها العامة ، حتى ليبدو كأن نجيب محفوظ يمرر من خلال شخوصه المنتقاة بعناية ،
جملة من الصور الذهنية المتصلة بحمولة وعيه عن الواقع الكائن وما يمكن أن يكون
عليه، باعتبار تلك الشخوص نماذج اجتماعية تعبر عن مواقف وقضايا المجتمع في صيرورته.

فمن جهة ، نجد سعيد مهران ونور والعتر و الشيخ الجنيدي و طرزان ، ممثلين بقوة
لحالات البساطة والبراءة والصدق والنظرة الإنسانية بمشاعر التعاطف والتألف على
خلفية علاقة تنطلق من قيم الوفاء والحب والصداقة والتناصح ، و من جهة أخرى ، نجد
نبوية و عليش ورؤوف علوان، مجسدين بنفس القوة لحالات التراجع والخيانة والخيانة
والمكر والنظرة الحسابية للمصالح الذاتية في بعدها المادي الضيق .
وقد ينسحب هذا
التقابل بين القوى الفاعلة على الواقع ، باعتبار ما كان يعيشه من تحولات ، انتهت
إلى وضعية كارثية على مستوى القيم ، وتراجيدية على مستوى السلوك الفردي ، في غياب
ضوابط التحكم الموضوعية ، والتي تخفي وراءها فقدان التوازن بين رغبات الناس
وإكراهات الواقع .
بوقفة أولية مع الشخوص الروائية في ''اللص والكلاب''، يمكن
ملاحظة ظاهرتين بارزتين ، أولاهما متصلة بالظهور والاختفاء ، وثانيهما مرتبطة بما
يمكن أن تحيل عليه دلالة أسمائها ، فبينما يظهر '' سعيد مهران'' منذ البداية ،
ليستمر في الحضور المكثف كشخصية محورية ، يطفو وجود ''نور'' و''رؤوف
علوان''برمزيتهما في مسار الرواية ، لمسايرة جل التحولات التي يعيشها '' سعيد
مهران'' حتى آخر لحظة من حياته ، وفي المقابل ، نجد اختفاءا سريعا لكثير من
الشخصيات رغم تأثيرها القوي في تنامي الأحداث ، لعل أبرزها شخصيتا '' نبوية''
و''عليش'' ومعهما ''سناء'' ابنة ''مهران''، بعد تغيير سكناهم خوفا من انتقام الجريح
في وجدانه العاطفي، ويمكن أن يلحق بهم العتر رفيق الزنزانة أو الصيدلاني، بينما ظلت
الجارة ''طاهرة'' و المعلم ''طرزان'' و'' الشيخ الجنيدي'' ضمن الذين تواصل وجودهم
متأرجحين بين الظهور والاختفاء ، وهي ظاهرة تثري الأسئلة حول أبعاد الظهور
والاختفاء لتلك الشخصيات ، فيما يمكن أن تكون له صلة باختيار مسبق للمؤلف، كالإيحاء
والدلالة على ما يمكن للقارئ أن يشارك به في الاحتفال بالمشهد الروائي كرسائل مشفرة
.
أما الظاهرة الثانية ، والمتعلقة بأسماء تلك الشخصيات ، على افتراض وجود نية
مسبقة في اختيارها ، فيمكن رصدها من خلال نماذج موحية بدلالات متصلة بالرواية، حتى
لتكاد أن تبدو أقرب إلى التمثيل بالمطابقة أو بالمخالفة ، فسعيد مهران لم يكن بشقه
الأول سعيداً ، ولا كان بشقه الثاني موفقا فيما سعى إلى التمهر فيه ، بل ظل تعيسا
تتراكم عليه الأزمات ، بقدر ما ظل فاشلا بعجزه عن بلوغ أبسط رغباته في الانتقام ،
حين أخذ رصاصه يصيب الأبرياء دون الظلمة ممن انتهى إلى وصفهم بالكلاب .
ولم يكن
لرؤوف علوان شيء يمكن أن يتصل باسمه المركب ، فلا هو مثل الرأفة المعبر عنها في
اسمه بصيغة المبالغة ، ولا هو بلغ السمو المطلوب في علوان المزيد بألف ونون لمفرد
العلو ، بل مثل في الرواية كل ما يناقض القيم التي يحيل عليها اسمه ، من وضاعة
وانتهازية و وصولية .
أما الأسماء المفردة للأعلام في الرواية ، فبعضها متصل
بمعانيها العامة ، كطرزان والجنيدي وطاهرة ، إذا تحيل في الرواية على الفتوة
والصوفية والبراءة على الترتيب ، بينما تقبل الأسماء الأخرى إمكانية الربط بينها
وبين دلالاتها ، فنور التي صاحبت سعيد مهران على امتداد تطور الأحداث ، ظلت تجسد
النقطة المضيئة في حياته إلى أن أغمض عينيه بين يديها، بالرغم من وضعيتها القاسية
اجتماعيا كفتاة يحضنها الليل كي تجد ما تعيل به نفسها في النهار ، ونبوية الزوجة
الخائنة ، لم تحمل من معنى النبوة في بعدها الديني أي شيء ، ربما كانت أقرب إلى
النبو بمعنى الابتعاد والانفصال ..
لا شك أن تلك الشخصيات كمكون حيوي من مكونات
النص السردي ، لا يمكن أن تحيل على إيحاء أو معنى خارج سياقها الروائي ، لأن وجودها
ضمن علاقات متشابكة يطبعها الاتصال حينا والانفصال حينا آخر ، وحده الكفيل بمنح تعد
القراءات التأويلية لرمزيتها ، في ضوء تنامي الحركة الداخلية للنص ، والتي ظلت
محكومة بالتجاذبات الثنائية على التناقض أو التكامل ، بين مظاهر سلوكيات تلك القوى
الفاعلة .
الزمان والمكان :
يبدو أن انشغال نجيب محفوظ بالهاجس الوجودي في
روايته ''اللص والكلاب'' ، قد أجل اهتمامه بالتفاصيل الزمكانية ، رغم إحالتها
الظاهرة على الواقع المصري في حقبة معينة ، بحكم انطلاقها في الأصل من حادثة واقعية
كما يتحدث عنها المؤرخون لعالم الجريمة في مصر، وقد هيمن الليل بعالمه السفلي على
جل أطوار التطور الحدثي فيها ، فاتخذ الظلام بعدا إيحائيا وثيق الصلة بالاكتئاب
الداخلي ومعاناة الاختناق اللتين عاشاهما سعيد مهران ، بينما تنوعت الأمكنة بين
البيت والزنزانة والجامع والمقهى ، كفضاءات إيواء أو محطات للعبور من حدث لآخر ،
دون الشعور بأبعاد حمولتها أو تأثيرها البين في مسار تلك التحولات ، رغم ما يؤشر
عليه بعضها كتواضع بيت نور أو فخامة فيلا رؤوف علوان أو نقاء جامع الجنيدي ، ولعل
ذلك راجع كما قيل ، إلة اهتمام الكاتب بالقضايا والتيمات التي اشتغل عليها ارتباطا
بحركة الشخصيات في وجودها الاجتماعي والنفسي .
الحوار :
بالرغم من الطابع
الدرامي للحدثية في الرواية ، والذي تحكم في الحوارات الثنائية بين مختلف الشخصيات
سلبا أو إيجابا ، فقد كان للحوار الداخلي حضور قوي على مستوى سعيد مهران خاصة ، إذ
كان وسيلة استرجاعية لاستعادة الماضي الذي عاشه سعيد مهران قبل دخوله إلى السجن، و
بالتالي قدم معرفة مطبوعة بالصدق مع الذات ، حول ما ظل يعتبره خلفية لمأساته
الاجتماعية والنفسية ، وتبريرا موضوعيا لما شغله من أمر التفكير في الثأر والانتقام
لوجوده الذي هشمه الغدر والخيانة ، فأودى به إلى التمزق والعجز عن التواصل مع ذلك
العالم الموبوء . الرؤية السردية :
تهيمن على رواية نجيب محفوظ ''اللص
والكلاب'' ، تلك الرؤية السردية من الخارج / الخلف ، بدلالة مواصلة الحكي اعتمادا
على ضمير الغائب ، فيما لم يكن حوارا يتجاذبه المتكلم والمخاطب ، وكأن الكاتب تقصد
نطق الشخصيات وحركة الأحداث وفق منطقها الداخلي ، باعتبارها استجابات طبيعية
لمؤثرات موضوعية ، رغم ما يمكن أن يظهره السرد من علم مسبق ومعرفة جاهزة بمصائر
التحولات المتعاقبة بعلاقات سببية واضحة ، كأننا بالكاتب يمرر عبر الإيهام بالواقع
رؤيته للعالم ، وما يعتمل بفكره و وجدانه من مواقف نقدية وانتقادية لذلك الواقع ،
بما يعانيه من اختلالات ، لا تؤشر على أفق مشرق في ظل التفاوت الطبقي أو التناقضات
والمفارقات في القيم التي باتت تقوم عليها العلاقات بين الأفراد داخل المجمتع
الواحد .
الأسلوب :
وإذا تجاوزنا الأساليب السردية المعتمدة في اللص
والكلاب بين السرد والوصف والحوار ، إلى التعبيرات اللغوية التي وظفها نجيب محفوظ ،
يمكن أن يلاحظ القارئ اهتمامه بتلك اللغة التصويرية المتراوحة بين هيمنة الفصحى على
السرد والوصف، و حضور العامية المصرية في الحوارات الثنائية خاصة ، ذلك أن الكاتب
في وضعية السارد ، يسعى إلى تمثل المواقف بصيغتها ولغتها التشخيصية الواقعية ، من
خلال الحرص على توظيف المعجم المتداول في الخطاب اليومي ، واستعمال الجمل القصيرة
انسجاما مع تقتضيه المقامات ، دونما حاجة للإغراق في التوسع التعبيري من أجل
جماليات أسلوبية .
خروج :
لم تحاول تلك القراءة الأولية لرواية ''اللص
والكلاب'' ، فحص وتحليل مكوناتها على هدى منهج محدد وصارم ، بل اعتمدت على
الاستفادة من العام في المناهج المتداولة بخصوص النص السردي ، والدافع دائما ،
اتجاه المعالجة إلى الصف التعليمي في مستوى الثانوي التأهيلي ، باعتبار الكتاب ضمن
مؤلفات تلامذة البكالوريا ، وإلا لو كان المجال غير المجال ، فقد كان ممكنا استغراق
القراءة لكل الجوانب المتصلة بالرواية من الداخل قبل إحالتها على المقارنة بما
يرتبط بها في نفس السياق ، سواء من خلال تجربة نجيب محفوظ نفسه ، أو من خلال تجارب
الروائيين العرب المعاصرين له .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العربية و مناهجها ( الثانية باك أدب )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى المغربي العربي :: التعليم :: الدراسة والمناهج التعليمية :: الثانية باك-
انتقل الى: